التوحيد عن الشرك في النشأة.
أما الأديان. أما المناهج العملية التي تقدمها الأديان للاخلاق والتربية والسلوك والاجتماع والمعاملات فلا محيد من أن تهبط من السماء موافقة لمنزلة المجتمع من التطور ، ولا محيد من أن تترتب شرائعها بحسب تلك الأدوار. وقد تحدثنا عن هذا في بحوثنا عن الدين في ينابيعه الاولى.
* * *
والتوحيد في الإسلام فكرة عامة تتمثل في عقيدة خاصة.
فكرة عامة تقوم على طي الكون كله في وحدة ، وربطه كله في نسق وتأليفه كله على غاية.
الوجود المنبسط على هذا الملكوت ، المحيط بكل باد منه ومستور الشامل لكل صغير فيه وكبير ، هذا الوجود من أدناه الى أعلاه ، ومن أقرب مظاهره إلى أبعد تخومه كله ظل واحد لموجد واحد. والقانون العام الذي يسير عليه هذا الوجود المحيط توجيه واحد من مدبر واحد ، والوجهة التي يتولى شطرها غاية واحدة لصانع مختار واحد. أما المادة فهي مظهر من مظاهر هذا الوجود ، واما الطبيعة فهي الطريقة المعينة لسير الوجود في المادة ، وأما الحياة فهي مرقاة من مراقيه ، وأما الانسانية فهي النموذج الأعلى من نماذجه ، وأما كمال الانسانية فهو القمة من التطور فيه.
فالكون والطبيعة والحياة والانسانية مجموعة واحدة نشأت من معدن واحد عن علة واحدة وعلى طريقة واحدة ، ونظم الكون والطبيعة والحياة والانسانية متشابكة لاتنفصل ، وغاياتها متداخلة لاتفترق.