فاذا رجع الى المنطق يتعرف حكمه في ذلك وجد البراهين النيرة متوافرة متضافرة عليه.
والعلم ؟ ماذا يؤمل منه أن يقول بعد أن لمس الوحدة الكونية في كل خطوة خطاها ، وفي كل ظاهرة أو خفية كشفها ؟.
ماذا يؤمل من العلم أن يقول ؟. لقد اعترف بوحدة الكون ، أفلا تكون هذه دليلاً على وحدة المكون ؟.
وهكذا تتآزر فطرة الانسان الخاصة ، وفطرة الكون العامة ، وفطرة كل شيء من أشيائه وكل جزء من اجزائه على إثبات هذه الحقيقة وتجليتها للفكر الواعي ، حتى اذا جاء دور الدين ، دور وحي الله الى انبيائه المطهرين لم يبق له في مجال هذه العقيدة غير تبيين حدودها ورسم ابعادها ، وتوضيح لوازمها وآثارها. وغير هذا حفز الفطرة لتنتبه من سنة ، وتوجيه العقل ليعرف طرق البرهان.
ولا أدعي عصمة الانسان في هذا المجال ، وأن التوفيق حالفه فيه أنَّىٰ سار وأنَّىٰ توجه ، فكيف اذن ألحد من ألحد ؟ وعلامَ أشرك من أشرك ؟. ولكنني أقول : هذا هو الطريق اللاحب الذي أعده التكوين لتجلية هذه العقيدة ، وهذا هو سبيلها المستقيم الذي اهتدى بإتباعه من اهتدى وضلّ عنه من ضلّ. وقد تحدثنا في أول الكتاب عن المؤثرات التي تنحرف بالفطرة ، والمعوقات التي تعترض الفكر.
وفي أعمق الأعماق من تأريخ الانسان توجد
آثار هذه الفطرة ، وتلمح ظلال هذه الفكرة ، آثار الفطرة السليمة التي أرشدت الانسان الى التوحيد ، والعقل المؤمن الذي أوضح له فكرة الألوهية وان وجدت معها