ألستم في هذه المضائق تفزعون الى قوة قادرة قاهرة توقنون أنها تسيطر على هذا الملكوت وتهيمن على تدبيره وتنتهي إليها سلسلة اسبابه ؟ أليست الفطرة تفزع بكم خاشعين الى هذا الموجود الاعلى تجأرون اليه بالدعاء ، وتنزلون به الرجاء ؟
ألستم تشعرون بسبب متين يشدكم الى اعلى اذا تقطعت بكم الاسباب ، وبسند قوي يثبّت رجاءكم اذا انهارت منكم الآمال ؟ أليس هذا هو حكم الفطرة ساعة تستقل بالحكم ؟
والفطرة تستعلن أحكامها في أمثال هذه المآزق (١).
فلماذا ترشدكم الفطرة ثم تضلكم الفكرة ؟!.
هذه القوة العظمى التي تؤمن بها الفطرة وتتجه إليها الغريزة حتى عند أبعد الناس عن الحضارة ، وأقربهم الى حياة الغابة ، هذه القوة هي الاله الحق ، وتشريعه العادل لتدبير الانسان هو الدين الصواب ، والاعتراف به والانقياد لشريعته هو الايمان الصحيح ، وهذه الامور البدهية الناصعة هي ما يدعو اليه محمد صلىاللهعليهوآله في دينه ، فهل في صدقه ريب لمرتاب ؟.
ولأمر ما أودعت هذه الركيزة في أعماق الانسان. انها اودعت فيه
__________________
١ ـ وقد ورد في الاثر الشريف ان رجلا قال للامام الصادق عليهالسلام ياابن رسول الله صلىاللهعليهوآله دلني على الله فقد أكثر علىَّ المجادلون وحيروني ، فقال له ياعبد الله هل ركبت سفينة قط ؟ قال نعم. قال فهل كسرت بك حيث لاسفينة تنجيك ولاسباحة تغنيك ؟ قال نعم. قال فهل تعلق قلبك هنالك ان شيئاً من الأشياء قادر على ان يخلصك من ورطتك ؟ قال نعم.قال عليهالسلام فذلك الشيء هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجي وعلى الاغاثة حيث لا مغيث.
( الباب الرابع من كتاب معاني الاخبار للشيخ الصدوق القمي ره ).