وإذن فالإسلام يجد أن شرائع السماء تتحد معه في القاعدة المتقدمة وتتحد معه كذلك في كل سمة يمتاز بها الدين الحق.
على اننا نلاحظ ما يخالف ذلك في الأديان الموجودة المنسوبة الى السماء ، وهذا إنما يدل على تحريف ماسخ يبعد هذه الأديان عن الصور الحقيقية لشرائع الله الاولى ، اما الفكرة المتقدمة نفسها فلا ريب فيها بعد ان مكن لها البرهان وعززها اليقين.
واعتراف الإسلام بأديان السماء الصحيحة لا يعني اعترافه بهذه الصورة الشائهة الممسوخة التي لاتجتمع وإياها في الفكرة ولا تتفق معها في الخطة ، وقد لا تتحد معها بغير الاسم ... وللبحث صلة تأتي ان شاء الله تعالى في فصل قريب.
* * *
( مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (١).
بهذه الآية الكريمة الحكيمة يوضح الله غايته من تشريع الدين ورفع قواعده.
ليطهر الناس المؤمنين به المتبعين لأحكامه ، وليتم نعمته عليهم ، هذه الغاية التي ابتغاها ربّ الناس للناس من تشريع دينه ووضع أحكامه.
تطهير وإنقاء .. ثم تزكية وإعلاء.
__________________
١ ـ المائدة ، الآية ٧.