الوضع المادي الموجود بالفعل هو الأصل الثابت ، ولحماية هذا الوضع الراهن حدثت فكرة الدين ، وفكرة ( الله ) ، وعينت الهيئات الحاكمة وشرعت القوانين الموجودة ، وعن هذه المجموعة صدر ماهنا من نظم اجتماعية وأخلاقية وعادات وتقاليد ، واذن فالافكار والنظريات والأديان والحياة العقلية كلها انما هي انعكاس للحياة المادية ، وهذه وحدها هي الواقع الموضوعي.
ولمناقشة هذه الفكرة موضوع آخر من الكتاب ، ومهمتنا هنا أن نتعرض لكلماته عن الدين.
لقد قلنا لا لوم على كارل ماركس لو انه سدد رميته الى مصدر الاذى ، فان الكنيسة في عصورها تلك حادت عن النهج القويم ، وأي منصف ينكر ذلك ؟ ولكن ماركس اطلق كلماته جارفة لاتبقي ولا تذر !!
ليكن ثائراً ، وأي انسان متزن الطبيعة متقد الاحساس يرى الحق تحت براثن الباطل ثم لا يثور ؟ ولكن من القبيح أن نثور على أحد من الناس فتطفق تحثو التراب في وجه كل من تلقى ، ويتضاعف القبح ويربو أُثره إذا كنت تطلب بثورتك أن تغير وضعاً قائماً ، وتكون السماجة اكثر مضاعفة وأعمق أثراً اذا أردت أن تقيم على ذلك فلسفة حية ، وتشتق منها نظاماً خالداً يغير التأريخ ويسعد القرون !!
ثم لنلتمس المعذرة لهذا القائل ، لنقل
هو ثائر ، ولنؤمن ولو موقتاً بأن الثورة لاتقبل الاعتدال ، ولو اننا استقبلناه وهو يردد كلمته فقلنا له : ان الخير في الاناة وان الحزم في التروي ، والدين الحق لا يقر ظالماً على ظلمه ، ولا يترك آثماً على اثمه لتضاعفت غضبته واستيقن أن مانذكره له نوع من