صلىاللهعليهوآله في العام القابل حجة الوداع فوافقت في ذي الحجة ، فذلك حين قال النبي صلىاللهعليهوآله في خطبته : « ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والارض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب مفطر الذي (١) بين جمادى وشعبان » وأراد عليهالسلام بذلك أن الاشهر الحرم رجعت إلى مواضعها وأعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسئ « ليواطؤا عدة ما حرم الله » أي إنهم لم يحلوا شهرا من الحرام إلا حرموا مكانه شهرا من الحلال ، ولم يحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا من الحرام ليكون موافقة في العدد. (٢)
وفي قوله : « أنهم يفتنون » أي يمتحنون « في كل عام مرة أو مرتين » بالامراض والاوجاع ، أو بالجهاد مع رسوله الله صلىاللهعليهوآله ، وما يرون من نصرة الله رسوله ، وما ينال أعداءه من القتل والسبي ، وقيل : بالقحط والجوع ، وقيل : بهتك أستارهم وما يظهر من خبث سرائرهم « وإذا ماانزلت سورة » أي من القرآن وهم حضور مع النبي صلىاللهعليهوآله كرهوا مايسمعونه ، و « نظر بعضهم إلى بعض » نظرا يؤمون به : « هل يراكم من أحد » وإنما يفعلون ذلك لانهم منافقون يحذرون أن يعلم بهم ، فكأنهم يقول بعضهم لبعض : هل يراكم من أحد؟ ثم يقومون فينصرفون ، وإنما يفعلون ذلك مخافة أن تنزل آية تفضحهم ، وكانوا لايقولون ذلك بألسنتهم ولكن ينظرون نظرة من يقول لغيره ذلك ، وقيل : إن المنافقين كان ينظر بعضهم إلى بعض نظر تعنت وطعن في القرآن ، ثم يقولون : هل يرانا أحد من المسلمين؟ فإذا تحقق لهم أنه لايراهم أحد من المسلمين بالغوا فيه ، وإن علموا أنه يراهم واحد كفوا عنه « ثم انصرفوا » عن المجلس ، أوعن الايمان « صرف الله قلوبهم » عن رحمته وثوابه ، وقيل : إنه دعاء عليهم. (٣)
____________________
(١) هكذا في المطبوع ، وفى نسخة مخطوطة : ورجب مضر الذى. وفى التفسير المطبوع : ورجب الذى.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٢٩.
(٣) مجمع البيان ٥ : ٨٥ ٨٦.