وفي قوله : « لو نشاء لقلنا مثل هذا » إنما قالوا ذلك مع ظهور عجزهم عن الاتيان بمثله عداوة وعنادا ، وقيل : إنما قالوا ذلك قبل ظهور عجزهم وكان قائل هذا النضر بن الحارث بن كلدة ، واسر يوم بدر فقتله رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وعقبة بن أبي معيط وقتله أيضا يوم بدر « وإذ قالوا اللهم » القائل لذلك النضر بن الحارث أيضا ، وقيل : أبوجهل. (١) وفي قوله : « إلا مكاء وتصدية » المكاء : الصفير ، والتصدية : ضرب اليد على اليد ، قال ابن عباس : كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون ويصفقون ، وصلاتهم معناه : دعاؤهم أى يقيمون المكاء والتصدية مكان الدعاء والتسبيح ، وقيل : أراد : ليس لهم صلاة ولا عبادة وإنما يحصل منهم ما هو ضرب من اللهو واللعب ، وروي أن النبي صلىاللهعليهوآله كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبدالدار عن يمينه فيصفران ، ورجلان عن يساره يصفقان بأيديهما ، فيخلطان عليه صلاته ، فقتلهم الله جميعا ببدر ، ولهم يقول ولبقية بني عبدالدار : « فذوقوا العذاب » يعني عذاب السيف يوم بدر ، وقيل : عذاب الآخرة. (٢)
وفي قوله تعالى : « فقد مضت سنة الاولين » أي في نصر المؤمنين وكبت أعداء الدين. (٣) وفي قوله : « وقالت اليهود عزير ابن الله » قال ابن عباس : القائل لذلك جماعة منهم جاؤوا إلى النبي صلىاللهعليهوآله منهم سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى وشاس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا ذلك ، وقيل : إنما قال ذلك جماعة منهم من قبل وقد انقرضوا ، وإن عزيرا أملى التوراة من ظهر قلبه علمه جبرئيل عليهالسلام فقالوا : إنه ابن الله ، إلا أن الله أضاف ذلك إلى جميعهم وإن كانوا لا يقولون ذلك اليوم ، كما يقال : إن الخوارج يقولون بتعذيب أطفال المشركين ، وإنما يقوله الازارقة منهم خاصة ، ويدل على أن هذا مذهب اليهود أنهم لم ينكروا ذلك لما سمعوا هذه الآية مع شدة حرصهم على تكذيب الرسول صلىاللهعليهوآله « يضاهؤن قول الذين كفروا » أي عباد الاصنام في عبادتهم لها ، أو في عبادتهم للملائكة ، وقولهم : إنهم بنات الله « اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله » روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام أنهما قالا : أما والله ما
____________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٥٣٨ ـ ٥٣٩.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٥٤٠.
(٣) ٤ : ٥٤٢.