يدفع كيدكم عني « وإن تدعوهم » أي الاصنام أو المشركين « خذ العفو » أي ما عفا وفضل من أموالهم ، أو العفو من أخلاق الناس واقبل الميسور منها ، وقيل : هو العفو في قبول العذر من المعتذر وترك المؤاخذة بالاساءة « وأمر بالعرف » أي بالمعروف « وأعرض عن الجاهلين » أي أعرض عنهم عند قيام الحجة عليهم والاياس من قبولهم ولا تقابلهم بالسفه.
ولا يقال : هي منسوخة بآية القتال ، لانها عامة خص عنها الكافر الذي يجب قتله بدليل. قال ابن زيد : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلىاللهعليهوآله : كيف يارب والغضب؟ فنزل. (١) قوله : « وإما ينزغنك من الشيطان نزغ » أي إن نالك من الشيطان وسوسة و نخسة في القلب أو عرض لك من الشيطان عارض. (٢)
وفي قوله : « وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها » أي إذا جئتهم بآية كذبوا بها وإذا أبطأت عنهم يقترحونها ويقولون : هلا جئتنا من قبل نفسك ، فليس كل ما تقوله وحيا من السماء ، وقيل : إذا لم تأتهم بآية مقترحة قالوا : هلا اخترتها من قبل نفسك فتسأل ربك أن يأتيك بها. (٣)
وفي قوله : « كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون » السماع هنا بمعنى القبول وهؤلاء هم المنافقون ، (٤) وقيل : هم أهل الكتاب من اليهود وقريظة والنضير ، وقيل : إنهم مشركو العرب ، لانهم قالوا : قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا « إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون » يعني هؤلاء المشركين الذين لم ينتفعوا بما يسمعون من الحق ولا يتكلمون به ولا يعتقدونه ولا يقرون به فكأنهم صم بكم لا يعقلون كالدواب قال الباقر عليهالسلام : نزلت الآية في بني عبدالدار لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير وحليف لهم يقال له : سويبط. (٥)
____________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٥١١ و ٥١٢.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٥١٣.
(٣) ٤ : ٥١٤.
(٤) في المصدر : وهؤلاء الكفار هم المنافقون.
(٥) مجمع البيان ٤ : ٥٣٢.