والوجه في ذلك هو :
فإنّ المناط اتّصال المشكوك الذي يراد إثباته استصحابا بالمتيقّن ، لا اتّصال فترة ترتب الأثر بالمتيقّن ، فإذا كنت على يقين من اجتهاد زيد فجرا ، وشككت في بقاء اجتهاده بعد طلوع الشمس ، ولم يكن الأثر الشرعي مترتّبا على اجتهاده عند الطلوع ، إذ لم يكن عادلا وإنّما أصبح عادلا بعد ساعتين ، أفلا يجري استصحاب الاجتهاد إلى ساعتين بعد طلوع الشمس؟ فكذلك في المقام.
وبعد أن جرى الاستصحاب سوف يتأخّر ترتّب الأثر الشرعي عن الجزء المستصحب بانتظار حصول الجزء الآخر إلا أنّ هذا لا يضرّ ؛ وذلك لأنّ المناط في جريان الاستصحاب هو اتّصال المشكوك بالمتيقّن أي اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، لا اتّصال الأثر بالمتيقّن ؛ لأنّه مع انفصال المشكوك عن المتيقّن وعدم اتّصالهما فلن نحرز وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ، وأمّا الأثر فيشترط وجوده ، وأمّا كونه يترتّب مباشرة أو يتأخّر إلى حين حصول الجزء الآخر فهذا ليس شرطا.
ويدلّ على ذلك : أنّ الاستصحاب يجري في كثير من الأحيان مع كون الأثر متأخّرا عن المستصحب ، فمثلا إذا كنّا على يقين من اجتهاد زيد في الفجر ثمّ بعد طلوع الشمس شككنا في بقاء اجتهاده ، ولكن نفرض أنّ الأثر الشرعي المطلوب من استصحاب بقاء اجتهاده لا يترتّب إلا بعد ساعتين من طلوع الشمس ؛ لأنّه بعد ساعتين نعلم بأنّه عادل ، فهنا لا إشكال في جريان استصحاب بقاء الاجتهاد ، وبضمّه إلى العدالة الحاصلة بعد ساعتين يترتّب الأثر الشرعي كجواز تقليده مثلا ، مع أنّ هذا الأثر لم يترتّب على المستصحب مباشرة أي عند طلوع الشمس ؛ لأنّه زمان جريان الاستصحاب وإنّما يترتّب بعد ذلك بساعتين.
وفي مقامنا يقال كذلك ، فإنّ استصحاب عدم الكرّيّة وإن كان يثبت عدم الكرّيّة بعد الزوال ، إلا أنّ الأثر الشرعي لا يترتّب إلا بعد العلم بحصول الملاقاة ، وهذا إنّما يكون في الساعة الثانية ، وهذا لا مانع منه ما دام زمان المشكوك متّصلا بزمان المتيقّن حين إجراء الاستصحاب ، وهو هنا كذلك ، فإنّ عدم الكرّيّة المتيقّنة قبل الزوال والمشكوكة بعد الزوال زمانهما متّصل ولا انفصال فيه.
ثانيا : أنّ ما ذكر لو تمّ لمنع عن جريان استصحاب عدم الكرّيّة فيما إذا كان