الاستصحاب في المورد ويخرج من دائرته الأثر الثاني ، فيبقى الأثر الأوّل مشمولا للاستصحاب دون الثاني.
وهذا التبعيض في شمول الاستصحاب لبعض الآثار دون البعض الآخر لا إشكال فيه ؛ لأنّ الاستصحاب في نفسه يقتضي ترتب كلا الأثرين ، غاية الأمر يوجد مانع من ترتيب الأثر الثاني فيخرج ، وأمّا الأثر الأوّل فلا مانع من ترتيبه فيبقى داخلا.
وعليه فلا محذور في حمل الرواية على الاستصحاب ؛ لأنّ ما يبقى داخلا من أثر للمؤدّى يتناسب مع الاستصحاب ، وأمّا الأثر الذي لا يتناسب مع الاستصحاب فهو خارج عن مفاد الرواية لقيام الدليل من الخارج على انتفائه وعدم إمكان التعبّد به.
ونلاحظ على ذلك : أنّ مانعيّة التشهّد والتسليم إذا كانت ثابتة في الواقع على تقدير عدم الإتيان بالرابعة ، فلا يمكن إجراء الاستصحاب مع التبعيض في مقام التعبّد بآثار مؤدّاه ؛ لأنّ المكلّف يعلم حينئذ وجدانا بأنّ الركعة المفصولة التي يأتي بها ليست مصداقا للواجب الواقعي ؛ لأنّ صلاته التي شكّ فيها إن كانت أربع ركعات فلا أمر بهذه الركعة ، وإلا فقد بطلت بما أتى به من المانع بتشهّده وتسليمه ؛ لأنّ المفروض انحفاظ المانعيّة واقعا على تقدير النقصان.
ويرد عليه : أنّ الأثر الثاني لعدم الإتيان بالركعة الرابعة والذي هو مانعيّة التشهّد والتسليم على نحوين :
الأوّل : أن تكون مانعيّتهما ثابتة في الواقع ، أي أنّ الحكم الواقعي مفاده أنّ التشهّد والتسليم قبل الرابعة مانعان من صحّة الصلاة واقعا سواء علم المكلّف أم لا ، فهنا لا يكفي إجراء الاستصحاب لإثبات الركعة المفصولة على أساس التبعيض في آثار المؤدّى من شموله للأثر الأوّل دون الثاني ، بل لا يمكن إجراء الاستصحاب على هذا الفرض ؛ وذلك لأنّ المكلّف يكون على علم وجدانا بوجوب الركعة الموصولة بناء على المانعيّة الواقعيّة للتشهّد والتسليم.
وبالتالي سوف يكون على علم وجدانا أيضا بأنّ الركعة الموصولة التي يأتي بها ليست مصداقا للمأمور به واقعا ، إذ على تقدير كون الركعات أربعا حين شكّه بين الثلاث والأربع سوف تكون هذه الركعة غير مأمور بها ، وإنّما هو مأمور بالتشهّد