عن السؤال الأوّل الظاهر جدّا في كون الركعتين مفصولتين ، فمن البعيد أن يكون جوابه الأوّل عن الركعتين المفصولتين وجوابه الثاني عن الركعة الموصولة ، فإنّ وحدة السياق والتفريع والترتيب بين السؤالين تقتضي كونهما من ناحية الحكم شيئا واحدا.
ولذلك فالمتعيّن هو الشقّ الثاني وعدم دلالة الرواية على الاستصحاب.
ومنها : ما ذكره صاحب ( الكفاية ) رحمهالله من أنّ عدم الإتيان بالركعة الرابعة له أثران :
أحدهما : وجوب الإتيان بركعة ، والآخر : مانعيّة التشهّد والتسليم قبل الإتيان بهذه الركعة (١).
ومقتضى استصحاب العدم المذكور التعبّد بكلا الأثرين ، غير أنّ قيام الدليل على فصل ركعة الاحتياط يخصّص دليل الاستصحاب ويصرفه إلى التعبّد بالأثر الأوّل لمؤدّاه دون الثاني.
فإجراء الاستصحاب مع التبعيض في آثار المؤدّى صحيح.
الجواب الثاني على الاعتراض الثاني : ما ذكره صاحب ( الكفاية ) وحاصله : أنّنا نختار كون الركعة مفصولة لا موصولة.
ولا يرد على ذلك أنّ الرواية حينئذ لا تكون ناظرة إلى الاستصحاب.
والوجه في ذلك أن يقال : إنّ استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة يترتّب عليه بإطلاقه أثران شرعيّان هما :
١ ـ وجوب الإتيان بالركعة الرابعة حيث إنّه يثبت بالاستصحاب تعبّدا عدم الإتيان بها.
٢ ـ كون هذه الركعة متّصلة بما قبلها من ركعات ، وهذا يعني عدم جواز الفصل بينها وبين الركعات السابقة بالتشهّد والتسليم ، بل يمنع الإتيان بهما كذلك.
والإمام حينما أجرى الاستصحاب بقوله : « ولا تنقض اليقين بالشكّ » كان المفروض ترتيب هذين الأثرين الشرعيّين ، بمقتضى الإطلاق وعدم التقييد.
إلا أنّه يوجد لدينا دليل من الخارج ينصّ على عدم لزوم كون ركعة الاحتياط عند الشكّ بين الثالثة والرابعة مفصولة لا موصولة ، فهذا الدليل يخصّص إطلاق جريان
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٥٠.