بمقتضى الفقرة الثالثة فلا بدّ أن يفهم الاستصحاب هنا أيضا ، فلو كان نظر الإمام إلى قاعدة اليقين لكان ينبغي ألاّ يكتفي بهذا المقدار ، بل لا بدّ من التعبير بنحو آخر لا يحتمل الشكّ والتردّد.
وعلى الثاني : يكون الحمل على الاستصحاب أوضح ، إذ لم يفترض حينئذ في كلام الإمام اليقين بعدم النجاسة حين الصلاة لكي تكون أركان قاعدة اليقين مفترضة ، فيتعيّن بظهور الكلام حمل القاعدة المذكورة على ما فرض تواجد أركانه وهو الاستصحاب.
وهكذا تتّضح دلالة المقطع الثاني على الاستصحاب أيضا.
وأمّا على الأمر الثاني : وهو عدم حصول اليقين بعدم النجاسة حال الصلاة ، وإنّما كان غافلا عن وجودها أو عدمها ، فهذا يتناسب مع حمل جواب الإمام على الاستصحاب لا على قاعدة اليقين ، فهنا دعويان :
الأولى : تناسب كلام الإمام مع الاستصحاب ؛ وذلك لأنّ السائل كان على يقين من طهارة الثوب أوّلا ثمّ دخل في الصلاة من دون الالتفات إلى النجاسة أو إلى عدمها ، وفي الأثناء وجد نجاسة واحتمل سبقها على الصلاة وطروّها في الأثناء ، فهذا يعني أنّه يشكّ في أنّ يقينه السابق بالطهارة قد انتقض قبل الشروع في الصلاة أو أنّه لم ينتقض ، بل كان شروعه في الصلاة عن طهارة وإنّما انتقض في الأثناء ، وفي مثل ذلك لا ينبغي له أن ينقض اليقين بالشكّ ، أي أنّ اليقين السابق بالطهارة لا ينبغي نقضه حال الشروع لمجرّد احتمال سبق النجاسة ، فأركان الاستصحاب تامّة وكلام الإمام ينطبق عليها.
الثانية : عدم تناسب كلام الإمام مع قاعدة اليقين ؛ وذلك لعدم توفّر أركانها إذ لا يوجد يقين بعدم النجاسة حال الصلاة ، ليكون الشكّ الحاصل من رؤية النجاسة أثناء الصلاة من المحتمل نقضه لهذا اليقين.
وأمّا اليقين بالطهارة الموجود من أوّل الأمر فلا ينهدم بالشكّ ، إذ حتّى لو كان على يقين من النجاسة قبل الصلاة فهذا لا يعني أنّ اليقين بالطهارة من أوّل الأمر لم يكن صحيحا ، وإنّما يعني أنّ آثاره قد ارتفعت فقط.
وعليه فيكون كلام الإمام على هذا الفرض أوضح في الانطباق على