الصلاة إلى حين الفراغ منها ، وتعليل الإمام ناظر إلى أنّه قد صلّى بطهارة استصحابيّة ، وهي تحقّق موضوع الطهارة فلا تجب الإعادة لذلك.
ولا يضرّ انكشاف الخلاف بعد ذلك ؛ لأنّ رؤية النجاسة والعلم بأنّها كانت سابقة على الصلاة معناه أنّ الطهارة الواقعيّة لم تكن محقّقة حال الصلاة ، وأمّا الطهارة الظاهريّة فكانت ثابتة حينها ، وهي كافية بحسب الفرض (١).
الجهة الرابعة : أنّه بعد الفراغ عن دلالة المقطع المذكور على الاستصحاب نقول : إنّه ظاهر في جعله على نحو القاعدة الكلّيّة ، ولا يصحّ حمل اليقين والشكّ على اليقين بالطهارة والشكّ فيها خاصّة ؛ لنفس ما تقدّم من مبرّر للتعميم في الرواية السابقة ، بل هو هنا أوضح ؛ لوضوح الرواية في أنّ فقرة الاستصحاب وردت تعليلا للحكم ، وظهور كلمة ( لا ينبغي ... ) في الإشارة إلى مطلب مركوز وعقلائي.
وعلى هذا فدلالة المقطع المذكور على المطلوب تامّة.
الجهة الرابعة : في أنّ الاستصحاب المستفاد من هذه الرواية هل هو قاعدة عامّة كلّيّة تصلح للجريان في مختلف الأبواب الفقهيّة ، أو هو قاعدة خاصّة في باب الطهارة فقط؟
والجواب : أنّه قاعدة كلّيّة وعامّة ، والوجه في ذلك أمور :
١ ـ أنّ قوله : « وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين أبدا بالشكّ » اللام فيه للجنس لا للعهد ؛ لأنّ الأصل في اللام أن تكون للجنس إلا إذا دلّت القرينة على العهد ، والقرينة هنا غير موجودة ، وما هو موجود لا يصلح أن يكون قرينة على العهد ؛ لأنّ هذه الجملة وردت تعليلا للحكم ، والتعليل المذكور كان على أساس نكتة مرتكزة عند العرف والعقلاء من أنّ اليقين لا ينتقض أبدا بالشكّ.
__________________
(١) وفيه : أنّه نحو من التصويب بالنسبة لبعض الأحكام الظاهريّة كالاستصحاب ونحوه من الأصول الموضوعيّة ، وقد تقدّم الكلام في ذلك في الجزء السابق.
مضافا إلى أنّ التوسعة المذكورة معناها إجزاء بعض الأحكام الظاهريّة عن الأحكام الواقعيّة ، والمفروض أنّ الإجزاء يعتمد على إحدى نكتتين ، الأولى كون الأمر الظاهري وافيا بتمام الملاك ، والثانية كونه وافيا ببعض الملاك بنحو لا يمكن تدارك البعض الآخر ، وكلا النكتتين غير موجودتين في المقام ؛ لإمكان الإعادة في الوقت وتدارك تمام الملاك.