بالحمل الشائع والنظر التصديقي ، ولا في مرحلة المجعول الفعلي للحكم ؛ لأنّ الحكم مقيّد بغير الوجود الخارجي للخمر بحسب الفرض.
وحينئذ إذا شكّ في مائع أنّه خمر أو لا ، فهذا يعني الشكّ في كونه متّصفا بالخمريّة أو لا ، فيكون الشكّ في قيود التكليف ؛ لأنّ اتّصاف المائع بالخمريّة قيد في التكليف كما قلنا ، وهنا تجري البراءة ؛ لأنّه حينما يشكّ في تحقّق قيد التكليف سوف يشكّ بالتبع بالتكليف الفعلي ؛ لأنّه تابع لقيوده ، وبهذا نستغني عن كون إطلاق التكليف بالنسبة للموضوع شموليّا ؛ لأنّ الميزان الأوّل متحقّق حيث إنّ الشكّ في الموضوع شكّ في قيود التكليف بالمعنى الذي ذكرناه.
وبهذا صحّ القول بأنّ البراءة تجري كلّما كان الشكّ في قيود التكليف ، وأنّ قيود التكليف تارة تكون على وزان مفاد كان التامّة بمعنى إناطته بوجود شيء خارجا ، فيكون الوجود الخارجي قيدا.
وأخرى تكون على وزان مفاد ( كان ) الناقصة بمعنى إناطته باتّصاف شيء بعنوان ، فيكون الاتّصاف قيدا.
فإذا شكّ في الوجود الخارجي على الأوّل أو في الاتّصاف على الثاني جرت البراءة وإلا فلا.
وبهذا يصحّ لنا إطلاق القول بأنّه كلّما كان الشكّ في قيود التكليف كان مجرى للبراءة.
وقيود التكليف التي يشكّ فيها على قسمين :
الأوّل : أن يشكّ في أصل تحقّق القيد أو الشرط كالشكّ في تحقّق الاستطاعة أو الزوال ، فإنّ الشكّ هنا في أصل تحقّق هذا القيد في الخارج ، فإنّ وجوده في الخارج يعني فعليّة الحجّ وفعليّة الصلاة ، والشكّ فيه شكّ في الوجوب الفعلي للصلاة أو الحجّ ، فهو شكّ في التكليف فتجري البراءة عنه ، ويسمّى هذا النحو من الشكّ في القيود بمفاد ( كان ) التامّة ؛ لأنّ المراد من كان التامّة هو أصل وجود وثبوت الشيء كما يقال : كان زيد ، أي وجد زيد فالشكّ في أصل وجود القيد وعدم وجوده شكّ في تحقّق مفاد كان التامّة وعدم تحقّقه كذلك.
الثاني : أن يشكّ في اتّصاف الموضوع في الخارج بوصف بحيث يكون اتصافه