الوظيفة الأوّليّة في حالة الشكّ
كلّما شكّ المكلّف في تكليف شرعيّ ولم يتأتّ له إقامة الدليل عليه إثباتا أو نفيا فلا بدّ من تحديد الوظيفة العمليّة تجاهه. ويقع الكلام أوّلا في تحديد الوظيفة العمليّة تجاه التكليف المشكوك بقطع النظر عن أي تدخّل من الشارع في تحديدها ، وهذا يعني التوجّه إلى تعيين الأصل الجاري في الواقعة بحدّ ذاتها ، وليس هو إلا الأصل العملي العقلي.
ويوجد بصدد تحديد هذا الأصل العقلي مسلكان :
ذكرنا مرارا أنّ المكلّف الذي اختلطت عليه الملاكات ولم يميّز بينها نتيجة الشكّ والاشتباه ، لا بدّ له من الاستناد إلى أصل يحدّد له الموقف العملي تجاه هذا الواقع المشكوك من أجل التنجيز أو التعذير عنه ، وذكرنا أنّ الأصول العمليّة التي يلجأ إليها المكلّف على قسمين :
أحدهما : الأصول العمليّة العقليّة ، وهي التي يدركها العقل ويحكم بها على أساس إدراكه لثبوت حقّ الطاعة أو عدم ثبوته.
والآخر : الأصول العمليّة الشرعيّة وهي التي يجعلها الشارع لعلاج الشكّ وتحديد موقف المكلّف.
ومن خلال ما تقدّم ظهر لدينا أنّ الأصول العقليّة متقدّمة على الأصول الشرعيّة ، لأنّها موجودة في كلّ واقعة بحدّ ذاتها ، بينما الأصول الشرعيّة ليس من الضروري وجودها في كلّ واقعة.
فالبحث ينبغي إذا أن ينصبّ حول مقامين :
الأوّل : في تحديد الوظيفة العمليّة العقليّة ، أي الأصل الذي يحكم به العقل بقطع النظر عن وجود أصل شرعي إثباتا أو نفيا ، فيبحث عن مقتضى الأصل