وهذا يمكن فرضه فيما إذا كان العنوان ماهيّة حقيقيّة للشيء ، أي كان العنوان يمثّل الحقيقة النوعيّة للشيء كالجنس أو النوع أو الفصل ، فإنّه حينئذ يكون الوجود الخارجي متعدّدا بسبب تعدّد العنوان الماهوي النوعي.
فمثلا إذا أمر المكلّف برسم خطّ ونهي عن الانحناء ، فإنّه إذا رسم خطّا منحنيا كان هذا الفعل الخارجي متعدّدا ؛ وذلك لتعدّد العنوان الماهوي ، فإنّ رسم الخطّ عنوان ماهوي حقيقي ؛ لأنّه جنس له ما بإزاء في الخارج ، وفعل الانحناء في الخطّ عنوان ماهوي حقيقي ؛ لأنّه فصل للخطّ فهذا له ما بإزاء في الخارج أيضا ، وما دام العنوانان يمثّلان حقيقة نوعيّة فيكون الشيء في الخارج متعدّدا ؛ لأنّه يكون مصداقا لكلا هاتين المقولتين أي الجنس والفصل.
وأمّا إذا كان العنوان من العناوين العرضيّة الانتزاعيّة وهي ( غير الجنس والفصل والنوع ) كمقولة الكيف أو الوضع أو الأين أو المكان والزمان أو الملك أو الإضافة ، فهنا يمكن أن تنتزع هذه العناوين من معنون واحد في الخارج ؛ لأنّ هذه العناوين يمكن عروضها أو انتزاعها من الذات الواحدة البسيطة ؛ وذلك لأنّها لا تشكّل حقيقة ماهويّة للشيء ليقال بتعدّد الحقيقة الماهويّة فيه ، وإنّما هي تعرض على حقيقة ماهويّة واحدة كالإنسان أو الحيوان أو زيد ، حيث تقبل هذه الحقائق عروض أكثر تلك العناوين العرضيّة الانتزاعيّة كما هو واضح.
وبهذا يظهر أنّ ما ذكره الميرزا إنّما يتمّ فيما إذا كان العنوانان من المقولات الماهويّة الحقيقيّة لا غير.
وفي مقامنا الصلاة والغصب وإن كانا من العناوين المبدئيّة ، إلا أنّ هذا لا يخرجهما عن كونهما من الأعراض الانتزاعيّة التي تعرض على مقولة ماهويّة واحدة كالإنسان النوع ، فإنّه ينتزع من فعله الواحد عنوان الصلاة والغصب وغيرهما أيضا ولا يوجب ذلك تعدّد الشيء والمعنون في الخارج ؛ لأنّها ليست حقائق ماهويّة.
وأمّا الوجه الثاني فحاصله : أنّ الأحكام إنّما تتعلّق بالعناوين والصور الذهنيّة لا بالوجود الخارجي مباشرة. فإذا كان العنوان في أفق الذهن متعدّدا كفى ذلك في عدم التنافي.