وهذا جوابه : أنّ ما هو موجود في الخارج لمّا كان متعدّدا فيكون الأمر متعلّقا بالفرد وبالمصداق المغاير لمّا تعلّق به النهي فلا تجتمع مبادئهما على شيء واحد ، فلا وجه للامتناع.
وأمّا التقريب القائل : بأنّ الأمر بالجامع يستلزم الترخيص في تطبيق الجامع على كلّ فرد ، وحيث إنّ النهي شمولي ، ففي مورد الاجتماع يكون هذا المجمع مصداقا للجامع المأمور به ومصداقا للغصب المنهي عنه ، فيلزم اجتماع الأمر والنهي أو يلزم اجتماع الترخيص مع عدم الترخيص المستفاد من الأمر بالجامع والنهي عن الحصّة.
وهذا جوابه : ما تقدّم من أنّه في الخارج يوجد مصداقان لا مصداق واحد فلا يلزم اجتماع الترخيص وعدم الترخيص على شيء واحد ، بل لكلّ منهما مصداقه الخاصّ به.
وبهذا يظهر أنّ هذا الوجه يحلّ مشكلة الامتناع بكلا تقريبيها ، هذا فيما إذا كان تامّا في نفسه ، ولذلك قال السيّد الشهيد :
ولكن الإشكال في تماميّة هذا الوجه ، إذ لا برهان على أنّ مجرّد تعدّد العنوان يكشف عن تعدّد المعنون خارجا ؛ لأنّ بالإمكان انتزاع عنوانين من موجود خارجي واحد.
نعم ، إذا ثبت أنّ العنوان ماهيّة حقيقيّة للشيء تمثّل حقيقيته النوعيّة ، فمن الواضح أنّ تعدّده يساوق تعدّد الشيء خارجا ؛ إذ لا يمكن أن يكون للشيء الخارجي الواحد ماهيّتان نوعيّتان ، ولكن ليس كلّ عنوان يشكّل الماهيّة النوعيّة لمعنونه ، بل كثيرا ما يكون من العناوين العرضيّة المنتزعة.
الإشكال على الوجه الأوّل : أنّه لا يوجد برهان يثبت أنّ مجرّد تعدّد العنوان موجب لتعدّد المعنون على إطلاقه ، بمعنى أنّه ليس دائما تعدّد العنوان يوجب تعدّد المعنون ؛ وذلك لأنّنا نجد أنّه بالإمكان انتزاع أكثر من عنوان من معنون واحد في الخارج.
فمثلا يمكننا انتزاع عنوان الطويل والعالم والأبيض من زيد الموجود في الخارج ، فلو كان تعدّد العنوان مطلقا موجبا لتعدّد المعنون لكان هذا نقضا عليه ، إذا فالمدّعى أنّ بعض العناوين توجب تعدّد المعنون لا مطلقا.