شروطا وقيودا في الوجوب بخلاف قيود الترتّب ، فإنّ ما كان منها اختياريّا فهو من شروط الترتّب وما لم يكن اختياريّا كان من قيود الواجب والوجوب معا.
ومن هنا فإذا أهلّ هلال شهر رمضان فهذا معناه أنّ قيد الاتّصاف والوجوب صار فعليّا في الخارج ، ممّا يعني أنّ الملاك والمصلحة صارت فعليّة في الخارج أيضا ، وحينئذ لن يكون هناك ما يمنع من اتّصاف الفعل أي الصوم في النهار بالوجوب من حين طلوع الهلال ، وإن كان زمانه لا يبدأ إلا من حين طلوع الفجر باعتبار أنّ طلوع الفجر من شروط الترتّب ، أي من شروط ترتّب الملاك والمصلحة على الفعل واستيفائها.
والحاصل : أنّ الداعي الذي يجعل المولى هذا الفعل واجبا وإن كان زمان الواجب لم يتحقّق بعد هو كون الفعل قد اتّصف بالمصلحة والملاك بالفعل ؛ لأنّ قيودهما وشروطهما قد تحقّقت في الخارج ، ومع كون الملاك فعليّا سوف يكون الوجوب فعليّا ؛ للارتباط والتلازم بينهما ثبوتا في عالم الجعل والشوق والإرادة والمحبوبيّة.
الثاني : ما ذكر في الإشكال من لغويّة جعل الوجوب فعليّا قبل زمان الواجب.
وهذا جوابه : أنّ الواجب وإن كان معطّلا حين فعليّة الوجوب ومرهونا بمجيء زمانه إلا أنّه مع ذلك لا لغويّة من جعل الوجوب ، بل هناك فائدة وثمرة عمليّة مهمّة عليه ، وهي تخريج وجوب الإتيان بالمقدّمات المفوّتة ولزوم تهيئة المقدّمات التي يحتاجها الواجب عند حلول زمانه ، بحيث إنّه لو لم تكن موجودة قبله لم يتمكّن المكلّف من امتثال الواجب.
فإنّنا إذا قلنا بفعليّة الوجوب قبل زمان الواجب ، وكان للواجب مقدّمات يفوت بتركها وعدم تحصيلها قبله كان المكلّف مسئولا عن إيجادها وتوفيرها ، وهذه المسئوليّة ناشئة من الوجوب الفعلي الثابت من قبل ، بينما إذا لم نقل بفعليّة الوجوب من حينه وإنّما يكون فعليّا عند مجيء زمان الواجب ، فهذه المقدّمات التي يفوت الواجب بتركها كيف يمكننا إلزام المكلّف بها؟ وكيف يمكننا إدخالها في عهدته ومسئوليّته قبل الوجوب؟ إذ المفروض أنّ المحرّك نحوها إنّما هو الوجوب وهو غير موجود وليس فعليّا قبلها.
إذا فهناك ثمرة علميّة وهي تخريج وجوب المقدّمات المفوّتة ؛ لأنّه لا إشكال في لزوم تحصيلها ، وأمّا الإشكال فيما هو المحرّك والداعي والباعث لذلك ، فإنّه على القول