بالواجب المعلّق كان الجواب واضحا ، وهو أنّ الوجوب الفعلي الثابت قبل زمان الواجب هو المحرّك نحوها ، بينما على إنكار الواجب المعلّق يحتاج تخريجها إلى حلّ آخر وقد لا يكون موجودا أو مقبولا.
وقد اعترض على إمكان الواجب المعلّق باعتراضين :
الأوّل : أنّ الوجوب حقيقته البعث والتحريك نحو متعلّقه ، ولكن لا بمعنى البعث الفعلي وإلا لكان الانبعاث والامتثال ملازما له ؛ لأنّ البعث ملازم للانبعاث ، بل بمعنى البعث الشأني أي أنّه حكم قابل للباعثيّة ، وقابليّة البعث تلازم قابليّة الانبعاث ، فحيث لا قابليّة للانبعاث لا قابليّة للبعث فلا وجوب. ومن الواضح أنّه في الفترة السابقة على زمان الواجب لا قابليّة للانبعاث فلا بعث شأني ، وبالتالي لا وجوب.
وهنا يوجد اعتراضان على القول بإمكان الواجب المعلّق :
الاعتراض الأوّل : أنّ حقيقة الوجوب هي البعث والتحريك نحو متعلّقه ، فالشارع عند ما يجعل الوجوب على فعل ويعتبر ذاك الفعل واجبا على المكلّف فهو في الحقيقة يريد أن ينشأ ويجعل ما يحرّك المكلّف نحو الامتثال والإطاعة ، فبجعله للوجوب يكون قد جعل الباعث والمحرّك حقيقة.
والوجه في هذا هو أنّ الشخص عند ما يريد شيئا فإمّا أن يقوم بنفسه ويتحرّك نحو تحصيله وإيجاده وهذا ما يسمّى بالإرادة التكوينيّة ، وإمّا أن يحرّك غيره ويبعثه نحو تحصيل مراده وذلك بأمره والطلب منه وهذا ما يسمّى بالإرادة التشريعيّة ، فإذا أراد شرب الماء فإمّا أن يذهب بنفسه لتحصيل الماء ، وإمّا أن يأمر عبده ويطلب منه تحضير الماء ، فهو بأمره هذا قد حرّك عبده وبعثه وأرسله نحو تحقيق المطلوب ، ولذلك قيل أنّ الطلب سعي نحو المقصود.
وعليه ، فبما أنّ حقيقة الوجوب هي البعث والتحريك نحو المتعلّق والمطلوب ، فحيث لا توجد المحرّكيّة والباعثيّة لا يكون هناك وجوب ، ولكن هناك بعث فعلي وهناك بعث شأني أي قابليّة للبعث ، والتلازم بين البعث والتحريك وبين الوجوب إنّما هي في البعث والتحريك الشأني لا الفعلي.
وتوضيح ذلك : أنّه إذا ثبت الوجوب وصار فعليّا فهو يحدث ويسبّب البعث