مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) البقرة ـ ٢١٤ ، إن النصر قريب ولكنه ليس بمعنى أن تجلس في مكانك وتنتظر أن يأتي الله تعالى بأفواج الملائكة لتصارع ولتكافح بدلاً منك ثم تأتيك بنصر هاديء وديع فتضعه بين يديك ، ولكنه يقول لك بأن سبيل النصر طريقه قريب منك فابحث عنه وامض فيه ، فهي بهذا المعنى تكون قريبة من معنى الآية الكريمة : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) عنكبوت _ ٦٩.
وانظر إلى قوله تعالى : ( ... وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ ... ) آل عمران ـ ١٥٤ والآية تتحدث عن طائفة من المسلمين الأوائل كانوا يرون أن اتّباعهم لدين الله بحد ذاته إضافة إلى وجود رسوله (ص) بينهم سيكون ضميناً لهم عند الله بالنصر وبدون قيد أو شرط ، فلما هُزموا في معركة أحُد صاروا يتشككون ويقولون هل لنا من الأمر شيء !! فسمّى ظنهم هذا ظنّ الجاهلية بالله بغير الحق وهو إشارة إلى العقيدة الوثنية عند العرب التي سادت فيهم وفي غيرهم من الأمم قبل الإسلام والتي كانت ترى لكل حادثة من حوادث الحياة وحالاتها كالمال والخصب والحب والحرب والبلاغة وغيرها إلهاً خاصاً وكذلك لكل ظاهرة