وأما قوله بأنهم عن الناس ذادة فلسنا ندري كيف يذودون عن الناس بعد الذي ظهر منهم من تمزيق لمصالح الناس وتحد لمبادىء الدين ! . ولعله كان يقصد أنه ـ وأسياده الأمويين ـ يذودون عمن سكت عن موبقاتهم ، وشاركهم اقتسام منافع الملك والتمتع بثمرات « بساتين قريش » . .
وإذا كان الأمر كذلك فهل من الإنصاف لله أن يزعم ابن أبيه أنه يسوس المسلمين بسلطان الله ! ! . ولو أنه قال : انه يسوسهم بسلطان الأمويين ـ الذي لا يرضاه الله ـ لما أخطأ ولا تجنى .
وأما إضافة عبارة « الذي أعطانا » بعد عبارة « بسلطان الله » فشيء يمجه الذوق الإسلامي ، ويأباه التاريخ .
ولا ندري كيف أعطى الله سلطانه للأمويين الذين حاربوه في شخص نبيه الكريم ! !
وخطب الحجاج بن يوسف في أهل البصرة فقال :
« يا أهل العراق إني قد استعملت عليكم محمداً ابني وبه الرغبة عنكم . . . وقد أوصيته فيكم خلاف وصية رسول الله بالأنصار . فإنه أوصى أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم . وقد أوصيته أن لا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم » (١) .
ولسنا نعرف سبب وصيته تلك بعدم التجاوز عن المسيء وعدم القبول من المحسن ـ إلا إيغاله في قتل الناس .
وإذا جاز للحاكم ـ في بعض الأحيان ـ أن لا يتجاوز عن المسيء فإنه لا يجوز عدم القبول من المحسن .
ثم هل يجيز الاسلام ذلك ؟
وخاطب الحجاج جموعا من المسلمين فقال :
__________________
١ ـ المسعودي : « مروج الذهب ومعادن الجوهر » ٣ / ٨٥ ـ ٨٦ .