وإن الآية الثانية
نزلت في ابن ملجم وهي قوله :
ومن الناس من يشري
نفسه ابتغاء مرضاة الله فلم يقبل . فبذل له مئتي ألف درهم فلم يقبل . فبذل له أربعمائة ألف فقبل وروى ذلك
. وقد حارب معاوية علي بمئة ألف لا يفرقون ـ على حد قوله ـ بين الناقة والجمل . وبلغت طاعتهم إياه حداً يفوق الوصف . فقد صلى بهم ـ عند مسيرهم إلى صفين ـ الجمعة يوم الأربعاء .
وعندما خرج عبد الله
بن علي ( في طلب بني مروان ) إلى الشام ـ وقد ببعضهم إلى السفاح حلف هؤلاء للسفاح أنهم ما علموا لرسول قرابة ولا أهل بيت يرثونه غير بني أمية . كل ذلك بفضل إتقان معاوية لفن الدعاية على أساس السير على أساس الكذب المنظم .
وفي معرض التحدث عن
براعة معاوية في الإنتفاع بهذا الفن في شجب خصومه يذكر أحد الرواة « أن معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين
على رواية أخبار قبيحة في علي . . . منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وعروة بن الزبير .
وروى الزهري أن عروة
بن الزبير حدثه قال حدثتني عائشة قالت كنت عند رسول الله إذ أقبل العباس وعلي . فقال النبي يا عائشة هذان يموتان على غير قبلتي .
وزعم عروة كذلك أن
عائشة حدثته فقالت كنت عند النبي إذ أقبل العباس وعلي . فقال الرسول يا عائشة إن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا . فإذا العباس وعلي بن أبي طالب » .
« وأبرع ما برع فيه
معاوية من ألوان الدهاء القاء الشبهة بين خصومه في زمن كانت فيه هذه الشبهات من أيسر الأمور . كان إذا أراد أن يستميل أحد البطارقة من دولة الروم ـ فاستعصى عليه ـ كتب له رسالة مودة وثناء وأنفذها مع رسول
__________________