فقد حدثت ولادة حفيد الحكم بن أبي العاص ـ طريد رسول الله ـ في شهر رمضان كما حصل ـ في ذلك الشهر ـ فطامه وجمعه القرآن ، ومبايعة الناس إياه بالخلافة لكي ترتفع قيمته بنظر المسلمين لما لشهر رمضان من حرمة في نفوسهم .
أما قضية جمع عبد الملك القرآن فنترك التعليق عليها للقارىء لأننا نعلم أن جمع القرآن قد تم في عهد ابن عفان بعد أن أحرقت جميع الصحائف الأخرى .
فهناك إذن ( عبد الملك ) آخر غير عبد الملك بن مروان . ( عبد الملك ) الذي لم يكتف بجمع القرآن فقط بل زاد على ذلك أنه جمعه في رمضان ـ وربما كان صائماً ـ على عادة الأمويين . . !
ولم يقتصر الكذب الأموي على الأمويين أنفسهم بل تعداهم إلى إخوانهم في الصراع ضد مبادىء الإسلام . فقد انتشرت قصص كثيرة عن عمرو بن العاص ، وزياد بن أبيه ، والحجاج بن يوسف ومن هم على شاكلتهم من ولاة السوء ، لرفع شأنهم بنظر البسطاء من الناس . قال ابن حجر العسقلاني (١) :
« ذكر الزبير بن بكار أن رجلا قال لعمرو بن العاص ما أبطاك عن الاسلام وأنت أنت في عقلك . . قال : إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم . . . فلما بعث رسول الله فأنكروا عليه لذنبهم . فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا وتدبرنا فاذا حق بين . فوقع في قلبي الاسلام . . .
وقال ابراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن قبيصة بن جابر : صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أبين قرآنا ولا أكرم خلقاً ولا أشبه سريرة بعلانية منه .
وفى صحيح مسلم من رواية عبد الرحمن بن شماسة قال : لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى . فقال له عبد الله بن عمرو ـ ابنه ـ ما يبكيك ؟ فذكر أنه كان شديد الحياء من رسول الله لا يرفع طرفه إليه . . .
__________________
١ ـ الإصابة في تمييز الصحابة : ٣ / ٢ ـ ٣ .