أم أن خروجهم على أسس العقيدة الاسلامية ـ كما سنرى ـ هو الذي هيأهم لارتقاء منبر النبي ؟
الواقع : أن مواقفهم الدنيئة في الجاهلية وفي حياة الرسول وفي الفترة التي نؤرخها في هذه الدراسة تجعلهم أبعد الناس عن تسلم إمرة المسلمين .
قال الجاحظ « فعندها استوى معاوية على الملك واستبد على بقية الشورى وعلى جماعة المسلمين من الانصار والمهاجرين في العام الذي سموه عام الجماعة . وما كان عام جماعة بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة .
والعام الذي تحولت فيه الامامة ملكا كسرويا والخلافة غصباً قيصريا ، ولم يعد ذلك أجمع الضلال والفسق . ثم ما زالت معاصيه من جنس ما حكينا وعلى منازل ما رتبنا (١) .
حتى رد قضية رسول الله رداً مكشوفاً وجحد حكمه جحدا ظاهرا في ولد الفراش وما يجب للعاهر (٢) مع اجتماع الأمة أن سمية لم تكن لأبي سفيان فراشا ، وأنه إنما كان بها عاهرا . فخرج بذلك من حكم الفجار إلى حكم الكفار .
وليس قتل حجر بن عدي ، وإطعام عمرو بن العاص خراج مصر .
وبيعة يزيد الخليع ، والاستئثار بالفيء ، واختيار الولاة على الهوى ، وتعطيل الحدود بالشفاعة والقرابة ، من جنس جحد الأحكام المنصوصة والشرائع المشهورة والسنن المنصوبة ، وسواء في باب ما يستحق من الكفار جحد الكتاب ورد السنة إذا كانت السنة في شهرة الكتاب وظهوره ، إلا أن احدهما أعظم وعقاب الآخرة عليه أشد .
__________________
١ ـ يشير الجاحظ بذلك إلى فقرات سالفة من رسالته التي بين أيدينا حيث ذكر فيها جانباً من موبقات معاوية .
٢ ـ يشير إلى قضية استلحاق معاوية زياد بن سمية بأبي سفيان .