فزرع حقده هذا في نفوس
المشركين بمختلف الوسائل المتيسرة لديه .
ومنعهم من البكاء على
قتلاهم كما منع الشعراء عن التحدث عنهم أو رثائهم . وطلب من شركائه في المصيبة أن يتذرعوا بالصبر والجلد .
وقد برهن أبو سفيان ـ
بذلك ـ على براعته في النفاذ إلى مكامن نفوس المشركين . فاستثار نوازعهم النفسية حين خاطبهم بقوله
« فأنتم إذا نحتم عليهم وبكيتموهم بالشعر أذهب ذلك غيظكم فأقعدكم عن عداوة محمد وأصحابه ، مع أنه إن بلغ محمداً وأصحابه شمتوا بكم . فيكون أعظم المصيبتين شماتتهم . ولعلكم تدركون ثأركم . فالدهن والنساء على حرام حتى أغزوا محمداً » .
ومن الطريف أن نذكر
هنا أن الاسود بن المطلب أصيب له ثلاثة من ولده في بدر . وكان يحب أن يبكيهم ولكنه توقف عن ذلك خوفاً من أبي سفيان . فبينما هو كذلك إذ سمع إمرأة تجهش بالبكاء . فأراد أن يستحلى الأمر ليبكي هو على قتلاه . فأرسل غلامه وقال له : أذهب فاستفسر هل بكت قريش على قتلاها « لعلي أبكي فإن جوفي قد احترق » فذهب الغلام وعلم : أن الباكية إمرأة ضل بعيرها فهز الأسود رأسه وقال :
أتبكي أن يضل لها
بعير
|
|
ويمنعها من النوم
السهود
|
ولا نبكي على بدر
ولكن
|
|
على بدر تصاغرت
الخدود
|
فكان أبو سفيان إذن
شيخ المؤلبين على حرب رسول الله بعد بدر . فعل ذلك أثناء جمعه جموعهم ، وأثناء تأليبه أياهم ، وفي إخراجه النساء معهم إلى أحد .
__________________