الفصل الثاني
الأمويون : ضروب إيذائهم للرسول
عندما انبثق نور الإسلام ـ في مكة وبدأ يغمر سائر مدن الحجاز ـ سعى الأمويون لإطفائه بكل ما لديهم من سطوة وحول . فبدؤا يؤذون الرسول الكريم بمختلف الأساليب ـ بشكل فردي متفرق أحياناً ، وجماعي منظم أحياناً أخرى . وتفنن الأمويون ـ ومن هم على شاكلتهم من المشركين ـ في ابتداع الوسائل الدنيئة لإيذاء رسول الله .
فبعثوا النظر بن الحرث ، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود لتأليبهم على النبي وتسفيه رسالته .
وأرسلوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص إلى الحبشة لإقناع النجاشي بطرد المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة تخلصاً من إيذاء المشركين .
وعذبوا المستضعفين من المسلمين ـ كبلال بن رباح الحبشي مؤذن الرسول ، وعمار بن ياسر وأمه وأبيه ، وخباب بن الأرت ، وصهيب بن سنان الرومي ، وعامر بن فهير ، وأبي فكيهة ، ولبيبة (١) ـ جارية بني مؤمل بن حبيب بن عدي ابن كعب ، وزنيرة ، والنهدية « وأم عبيس ـ وآخرين » .
__________________
١ ـ وقد أسرف عمر بن الخطاب ـ أثناء شركة ـ في تعذيبها وتعذيب زبيرة ، وتعذيب أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد بن نفيل بن عبد العزى ـ ابن عمه ـ وخباب بن الارت . وكان شديداً على الرسول كذلك .
« خرج عمر يوما متوشجاً بسيفه يريد رسول الله . . . فلقيه نعيم بن عبد الله فقال أين تريد يا عمر ؟ فقال : أريد محمداً هذا الصابى الذي فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فاقتله . فقال له نعيم : والله لقد غرتك نفسك يا عمر . اترى بني عبد مناف غير تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت ! ! . . . فجاء إلى رسول الله . . . فقال حمزة : ائذن له . فإن جاء يريد خيراً بذلناه له ، وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه » ابن هشام : « سيرة النبي محمد » ١ / ٣٦٥ / ٣٦٨ .