وتصرفات
الامويين شيء آخر يختلف عنه تمام الاختلاف . فانكشف أمامي فشل المحاولة التي يبديها بعض الباحثين لتغليف سيرة الامويين بغشاء سميك من المغالطة والتدليس وإظهارها على غير مظهرها الذي جاءت به أمهات كتب التاريخ .
أما السبب الذي دعاني
إلى قياس تصرفات الأمويين بمقياس الدين الاسلامي فهو : أنهم حكموا المسلمين باسم الدين ، وتظاهروا باتباع مبادئه ، وأخذ بعضهم البيعة لبعض آخر على هذا الأساس . ولا أراني بحاجة إلى أن أنبه القارىء إلى أن المحاولة التي يبديها بعض الكتاب المعاصرين لتطبيق مبادىء الدين الإسلامي على شؤون الحياة السياسية والاقتصادية في الوقت الحاضر أمر خارج عن نطاق هذه الدراسة .
فقد اقتصر البحث ـ
كما سيرى القارىء ـ على تدوين سيرة الأمويين في ضوء المبادىء الدينية التي تظاهروا بأنهم يسيرون وفق مستلزماتها . ولكي يستوفى البحث « الذي بين يدى القارىء » شروطه العلمية فقد تضمن ـ كما سلف أن ذكرنا ـ الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث وموازنة ذلك بتصرفات الأمويين كما جاءت في أمهات كتب التاريخ الإسلامي .
فهذا البحث إذن بحث
في التاريخ الأموي لا في السياسة المعاصرة أو في الدين .
لقد اكتسب الأمويون «
مجدهم » ـ عند من يقول بذلك من الباحثين ـ بواسطة الإسلام . فقد رفعهم الإسلام ـ بنظر بعض الناس ـ من حضيض الجاهلية إلى مستوياته الرفيعة . فيصبح مدح أولئك الباحثين للأمويين ، وتدوينهم سيرتهم وتدريسها للناشئة ـ هذا الأساس ـ إنما هو مدح ضمني للإسلام .
وإنني بهذا الروح ـ
روح الإطراء على الإسلام .
__________________