ولما ظهر أنهما لم يتفقا
على شخص معين طلب عمرو من أبي موسى أن يوجد حلا للخروج من ذلك المأزق الحرج الذي يتوقف عليه مصير المسلمين آنذاك .
فتقدم أبو موسى
باقتراح جديد ظنه كسبا له واندحارا لابن العاص . فقد خيل اليه أنه سينتصر إذا ما وافق عمرو على « خلع » معاوية بعد أن بات على خلع « على » أمرا متفقا عليه . فوافق عمرو ـ في الظاهر ـ على الفكرة وأغرى صاحبه أن يعلنها للناس . ثم عاد فغدر به . فبرز عمرو ـ في ذلك كله ـ بأبشع ما يبرز فيه الرجل من الخداع والدس والتدني عن مستويات الأخلاق الرفيعة .
ومن طريف ما يروى عن
عمرو قوله لعائشة . « كنت أود أنك قتلت يوم الجمل .
قالت : ولم لا أبا لك
! ! قال كنت تموتين بأجلك وتدخلين الجنة ونجعلك أكبر التشنيع على علي بن أبي طالب . »
و « روى ابن مزاحم
قال : حدثني يحيى بن يعلى قال حدثني صباح المزني عن الحرث بن حصن عن زيد بن أبي رجاء عن أسماء بن حكيم الفزاري قال : كنا بصفين مع علي تحت راية عمار بن ياسر ارتفاع الضحى وقد استظللنا برداء أحمر إذ أقبل رجل يستقرى الصف حتى انتهى الينا وقال :
أيكم عمار بن ياسر ؟
فقال عمار : أنا عمار . قال أبو اليقظان ؟ قال نعم ـ
قال إن لي اليك حاجة
. قال : أفأنطق بها سرا أو علانية ؟ قال اختر لنفسك أيهما شئت . قال . لا بل علانية . قال : فأنطق بها . قال إني خرجت من أهلي مستبصرا حتى ليلتي هذه . فإني رأيت في منامي مناديا تقدم فأذن وشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمداً رسول الله ونادى بالصلاة ونادى مناديهم مثل ذلك . ثم اجتمعت الصلاة فصلينا صلاة واحدة وتلونا كتابا واحداً ودعونا دعوة واحدة .