ضد بعضهم بعضاً أحياناً ، وضد غير الأمويين أحيانا حسبما تستلزم الظروف السياسية القائمة .
غير أن الأمويين ـ مع هذا لا يبعدون عن عصبيتهم الأموية في هذا الباب ، ومن الممكن أن تفسر خصوماتهم الداخلية بأنها ناتجة عن إختلافهم في أساليب تثبيت تلك العصبية . ومهما يكن من شيء فإن ظروف الحاكم الأموي القائم إذا استلزمت الغدر بأموي آخر ـ أو البطش به ـ فإنه يتراجع به إنتهاء مهمته تلك فيرعى ذوي الأموي المغضوب عليه .
وفي التاريخ الأموي من ذلك شيء كثير : من ذلك مثلا موقف عبد الملك بن مروان من يحى وعنبسه ـ ابني سعيد ـ بعد أن قتل أخاهما عمرو بن سعيد الأشدق .
فقد أمر عبد الملك بقتل يحى « فقام إليه أخوه عبد العزيز فقال : جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين اترك قاتلا بني أمية في يوم واحد . ! ! فأمر عبد الملك بيحى فحبس . ثم أتى بعنبسة بن سعيد . فأمر به أن يقتل . فقام إليه عبد العزيز فقال : أذكرك الله يا أمير المؤمنين في استئصال بني أمية وهلاكها ! ! فأمر بعنبسة فحبس (١) . »
فقد اعتبر عبد العزيز قتل يحى قتلا للأمويين فناشد أخاه أن يصفح عنه ففعل . وتظهر تلك العصبية كذلك في موقف عبد الملك بن مروان من أولاد عمرو ابن سعيد الاشدق . فقد وفد هؤلاء عليه ـ بعد مقتل أبيهم ـ ، فرق لهم رقة شديدة . . . وقال : إن أباكم خبرني بين أن يقتلني أو أقتله ، وأما أنتم فما أرغبني فيكم وأوصلني لقرابتكم وأرعاني لحقكم ! ! فأحسن جائزتهم ووصلوهم وقربهم (١)
__________________
١ ـ الطبري : « تاريخ الأمم والملوك » ٧ / ١٧٨ .
٢ ـ تاريخ الأمم والملوك ٧ / ١٨٠ .