ويجرى هذا المجرى : أن
أولئك الكتاب « العرب » كثيرا ما يعتبرون غير العرب « عربا » وبالعكس من الناحية « القومية » .
لقد مر بنا القول بأن
الموالي قد برعوا في العلوم الإسلامية وتفوقوا فيها على العرب . ترى لماذا برع الموالي في إتقان العلوم الإسلامية ؟ وتخلف عنهم العرب ؟
هل يعود السبب في ذلك
إلى اختلاف في وراثاتهم الجسمية والعقلية ؟
أم أنه يرجع إلى
عوامل بيئية صرفة ؟
هل أشتل الأمويون
العرب في الحروب والمؤامرات السياسية فصرفوهم عن العلم ؟ فخلا الجو العلمي للموالي ؟
وهل شعر الموالي
بضرورة تجنب الاشتراك في السياسة الأموية فانصرفوا بكليتهم إلى العلم ؟
إن الاجابة بالإثبات
عن السؤال الرابع وبالنفي عن السؤال الثالث تعتبر من أوليات العلم الحديث ـ وبخاصة علم النفس والاجتماع ـ .
فلم يبرع الموالي في الجوانب
العلمية لأنهم موال بل برعوا فيها لانصرافهم لها دون العرب .
وقد أدى انصراف
الموالي إلى البحث والتتبع في العلوم الإسلامية إلى اختلاف في تفسير النصوص الموجودة في القرآن والحديث وبالتالي إلى ظهور مسائل اجتهادية كثيرة أبعدت المسلمين عن بعضهم بعضا .
وهذه ظاهرة لا ينبغي
أن تثير الدهشة أو الاستغراب . فإن من مستلزمات البحث الحر أنه يؤدى إلى تشعب الدراسة واختلاف في وجهات النظر . ويظهر ذلك في شتى صنوف المعرفة الإنسانية ، الطبيعية منها والاجتماعية مع اختلاف في سعة ذلك الاختلاف » .