فعرفناك ، فقال معاوية : والله لقد هممت أن أردك إليه على قتب أشرس فينفذ حكمه فيك . فسكتت ثم قالت :
صلى الاله على روح تضمنه |
|
قبر فأصبح فيه العدل مدفوناً |
قد حالف الحق لا يغبى به ثمنا |
|
فصار بالحق والايمان مقرونا |
قال : ومن ذاك ؟ قالت : علي بن أبي طالب . أتيته يوما في رجل ولاه صدقاتنا . فكان بيننا وبينه ما بين الغث والسمين . فوجدته قائما يصلي . فانفتل من الصلاة . ثم قال ـ برأفة وتعطف ـ ألك حاجة ؟ فاخبر به خبر الرجل فرفع يده إلى السماء وقال : اللهم إني لم آمرهم بظلم خلقك ، ولا ترك حقك .
ثم أخرج من جيبه قطعة من جراب فكتب فيه : قد جاءكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين (١) .
ودخلت بكادة الهلالية على معاوية فسألها عن حالها ، قالت بخير . قال . غيرك الدهر ؟ قالت : كذلك هو ذو غيره ، من عاش كبر ، ومن مات فقد .
قال عمرو بن العاص : هي والله القائلة ـ يوم صفين :
يا زيد دونك فأحتقر من دارنا |
|
سبقا حساما في الترب دينا |
قد كنت أدخره ليوم كريهة |
|
فاليوم أبرزه الزمان مصونا |
قال مروان وهي ـ والله ـ القائلة :
أترى ابن هند للخلافة مالكا ! |
|
هيهات ـ ذاك ـ وإن أراد ـ بعيد |
قال سعيد بن العاص وهي القائلة :
قد كنت أطمع أن أموت ولا أرى |
|
فوق المنابر ـ من أمية ـ خاطبا |
فالله أخر مدنى فتطاولت |
|
حتى رأيت من الزمان عجائبا |
__________________
١ ـ ابن عبد ربه « العقد الفريد » ١ / ٢١١ ـ ٢١٢ .