المسلك السابق ؛ لأنّ دليل الأمر لا يدلّ على الوجوب وضعا وإنّما يدلّ على الطلب فقط بحسب الوضع اللغوي.
وحينئذ لن يكون هناك تعارض بين قوله : ( أكرم العالم العادل ) وبين قوله : ( يجوز ترك إكرام العالم ) ؛ لأنّ الأمر الدالّ على الطلب كما أنّه يتناسب مع الوجوب كذلك يتناسب مع الاستحباب والإباحة والترخيص في الترك ، وهذا الطلب الذي يجوز تركه ينسجم مع دليل الإباحة الدالّ على جواز ترك إكرام العالم مطلقا حتّى العادل.
وبما أنّه لا تعارض بينهما فلا معنى للجمع العرفي ؛ لأنّ الجمع بعد فرض وجود تعارض ولو بنحو غير مستقرّ بين الدليلين ، فلا معنى للتقديم بلحاظ الأخصّيّة والأضيقيّة لإمكان الأخذ بالدليلين معا من دون محذور أصلا.
وحينئذ لا معنى لحمل الأمر على الوجوب وكون دليل الإباحة مختصّا بالعالم غير العادل ، بل يتعيّن بناء على مسلك الميرزا المذكور أن يكون دليل الترخيص العامّ رافعا لموضوع حكم العقل بلزوم الامتثال والوجوب ؛ وذلك لأنّه على هذا المسلك يكون الوجوب من أحكام العقل القائل بأنّه إذا صدر طلب من المولى ولم يقترن بالترخيص فهو يدلّ على الوجوب.
فحكم العقل بالوجوب معلّق إذا على عدم ورود الترخيص من المولى ، فإذا ورد ترخيص من المولى كان حكم العقل منتفيا بانتفاء موضوعه ، وهنا العامّ ترخيص وارد وصادر من المولى ومقترن بدليل الأمر ، وهذا يعني ارتفاع موضوع حكم العقل المعلّق على عدم ورود الترخيص ؛ لأنّ الترخيص ثابت.
وحينئذ لا بدّ من رفع اليد عن الوجوب والحكم بالاستحباب لتماميّة موضوعه ؛ لأنّ العقل يحكم بالاستحباب في كلّ مورد صدر فيه طلب واقترن الترخيص ، وهذا طلب وأمر مقترن بالترخيص وهو العامّ فيحمل الأمر على الاستحباب بناء على مسلك الميرزا.
مع أنّ بناء الفقهاء والارتكاز العرفي على تخصيص العامّ في مثل ذلك والالتزام بالوجوب.
وهذا اللازم المذكور مخالف لبناء الفقهاء ومخالف للارتكاز العرفي وبناء العقلاء في محاوراتهم وأحكامهم التشريعيّة ، فإنّهم يحكمون في مثل هذا المورد بتخصيص