العامّ بهذا الأمر المقيّد ، فيكون الأمر دالاّ على الوجوب في ( العالم العادل ) ، بينما العامّ دالّ على الإباحة والترخيص وجواز الترك في ( العالم غير العادل ) ، بل إنّ الميرزا نفسه لا يلتزم بالنتيجة المبتنية على مسلكه ، وهذا منبّه على أنّ أصل المبنى المذكور غير صحيح ؛ لأنّه يكفي في إبطال الموجبة الكلّيّة السالبة الجزئيّة كما هو في المنطق.
وثالثا : أنّه قد فرض أنّ العقل يحكم بلزوم امتثال طلب المولى معلّقا على عدم ورود الترخيص من الشارع ، وحينئذ نتساءل : هل يراد بذلك كونه معلّقا على عدم اتّصال الترخيص بالأمر ، أو على عدم صدور الترخيص من المولى واقعا ولو بصورة منفصلة عن الأمر ، أو على عدم إحراز الترخيص ويقين المكلّف به؟ والكلّ لا يمكن الالتزام به.
وثالثا : أنّ هذا المسلك قد فرض أنّ العقل يحكم بالوجوب فيما إذا كان هناك طلب ولم يقترن بالترخيص ، فحكم العقل معلّق على عدم ورود الترخيص ، وهذا يعني أنّه إذا ورد ترخيص يرتفع حكم العقل بالوجوب لارتفاع موضوعه أو لارتفاع شرطه وقيده ؛ لأنّ الطلب ثابت ولكن الترخيص شرط فيه قد يرد وقد لا يرد.
فهنا إذا ورد طلب من المولى واحتملنا ورود الترخيص بمعنى أنّنا لم نعلم بعدم ورود الترخيص بل يمكن وجوده ويمكن ألاّ يكون موجودا.
وبتعبير آخر احتملنا صدور الترخيص المنفصل من الشارع ولكنّه لم يصل إلينا نتيجة لبعض الظروف والملابسات ، فهنا هل يمكننا إثبات الوجوب أو لا؟
أمّا بناء على المشهور القائل بأنّ الأمر مادّة وهيئة موضوع للوجوب فيمكننا ذلك ، ويؤيّده البناء العقلائي والارتكاز الفقهي. فإنّ العقلاء والفقهاء لا يعتنون بمثل هذا الاحتمال ، بل يبنون على عدمه.
وأمّا بناء على مسلك الميرزا فإنّ الاحتمال المذكور سوف يسبّب لنا الشكّ في أصل الدلالة على الوجوب ؛ لأنّ هذا الترخيص المحتمل إذا كان صادرا فعلا فلا يحكم العقل بالوجوب ، وإن لم يكن صادرا فيحكم بالوجوب ، فنشكّ في أصل تحقّق حكم العقل بالوجوب وعدمه ؛ وذلك لأجل الشكّ في تحقّق موضوع حكم العقل وعدم تحقّقه. ولذلك لا بدّ أن نطرح هذا التساؤل وهو : أنّ عدم ورود الترخيص الذي أخذ قيدا وشرطا في حكم العقل ما ذا يراد به؟