النسب في ذلك الوعاء وهو وعاء التحقق أو التمني أو الترجي أو الطلب إلى غير ذلك. وهذا يعني انّ حقيقة النسبة المفادة بالجملة التامة هي ملاحظة أطرافها فانية في خارج الذهن بنحو التصادق أو غير ذلك.
وهذا الاتحاد والتصادق وإن كان أمراً واقعياً ثابتاً في الخارج وإلاّ لم تصح الحكاية عنه بالجملة التامّة إلاّ انّه في الخارج ليست نسبة وإنّما تكون نسبة في الذهن حينما نجرّد وننتزع مفهومين عن الذات الخارجية التي لها العلم مثلاً فنقول : ( زيد عالم ) فالنسبة تتشكل بين المفهومين في الذهن ، وهذا بخلاف النسب الناقصة التي تكون في الخارج.
وبتعبير آخر : في موارد الجمل التامة يوجد لحاظ غير موجود في الجملة الناقصة وهو الإشارة بالمفهوم إلى خارج عالم الذهن والتصور امّا للحكاية عنه أو لانشاء شيء فيه ، وهذه الإشارة والفعالية الذهنية بلحاظ ما وراء الذهن غير موجود في النسب الناقصة ، وهذا يغير من حقيقة النسبة ذاتاً وجوهراً من حيث انّ النسب الناقصة كالحروف والهيئات الافرادية مفاهيم مركبة أو محصصة ليس إلاّ ـ سواء قلنا باخطارية النسب الخارجية في الذهن كما هو الصحيح أو ايجاديتها وتحليليتها. وقد تقدم هذا البحث في المعنى الحرفي ـ.
وإن شئت قلت : أنّ كلّ نسبة بين شيئين ينتزع الذهن تصوراً عنها وتكون النسبة قبل التصوّر فهي ناقصة وتحليلية ، أي تأتي إلى الذهن كمفهوم افرادي محصّص لأنّ طرفها منتسب ومتقيّد بتلك النسبة فلا ينتقش في الذهن إلاّ محصّصاً كالجامع المقيّد ضمن الفرد ، وهذا هو معنى التحليلية هنا.
وأمّا النسب التامة فليست مفاهم ولا نسب مفهومية في نفسها وإنّما فعالية ذهنية واشارة بالمفاهيم إلى وعاء خارج الذهن اخباراً أو انشاءً.