وبهذا يظهر الفرق الفني بين أخذ القيد في متعلق التكليف البدلي وبين أخذه في موضوعه الشمولي ، فإنّه في الأوّل مع احراز وحدة الجعل بمعنى روح الحكم والارادة كما في مثل إن ظاهرت فاعتق رقبة وإن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة كان ظهور المقيّد في الاحترازية أو في دخله في متعلّق الحكم الواحد موجباً لحمل المطلق على المقيد لأنّ الارادة الواحدة لا يمكن أن يتعلق إلاّبمتعلق واحد امّا هو الجامع والمطلق أو هو الحصة والمقيد ، وحيث انّ ظهور القيد في الدخل في متعلق تلك الارادة الواحدة أقوى من إطلاق المطلق تعين رفع اليد عن اطلاقه وحمله على ارادة المقيد ، وأي تقييد آخر غير هذا التقييد يوجب تعدد الجعل وهو خلف الفرض ، وقد تقدّم شرح ذلك.
وأمّا القيد في الأوامر الشمولية فهو محدّد لما هو موضوع الأحكام العديدة الانحلالية ، ومن الواضح انّ ثبوت الحكم في المقيد لا ينافي ثبوته في الفاقد ؛ لأنّه حكم آخر وارادة اخرى بحسب فرض الانحلال والشمولية فثبوت الإطلاق في موضوع المطلق لا ينافي ذلك ابتداءً كما في البدلي وإنّما ينافيه بعد فرض المفهوم وبمقداره ، وحيث انّ مفهومه ليس أكثر من السالبة الجزئية فلا وجه لحمل المطلق على المقيّد حيث لا قرينية في البين كما هو واضح.
الصورة الرابعة : أن يكون المطلق بدلياً ، أي حكماً واحداً والمقيّد شمولياً أي أحكاماً عديدة ، كما إذا قال : أكرم عالماً وأكرم الفقيه. وهنا لا معنى لفرض وحدة الجعل ليحمل المطلق على المقيّد بل يلتزم بتعدده لا محالة غاية الأمر إذا قيل باستحالة الأمرين بالجامع والحصة لزم تقييد الأمر بالمطلق بغير مورد الحصة الواجبة تعييناً مطلقاً أو مشروطاً بترك الحصة ، وإلاّ كما هو الصحيح بقيا على حالهما فيمتثل المطلق من خلال المقيد أيضاً إذا جاء به المكلف.