وقد علّق على ذلك بأنّ النزاع العقلي خارج عن البحث أيضاً لوضوح استحالة المخاطبة الحقيقية لغير الحاضر فضلاً عن المعدوم وامكان المخاطبة الانشائية الادعائية للجمادات فضلاً عن غير الحاضرين ، فالبحث ينحصر في النزاع اللفظي الاثباتي فلابد من تشخيص انّ مفاد أدوات الخطاب هل هو المخاطبة الحقيقية أو الانشائية ، والمستظهر كونها موضوعة للانشائي ، أي لاظهار توجيه الكلام نحو مدخولها بداعٍ من الدواعي (١) ، وهذا يرجع ملخصه إلى انّ الخطاب موضوع للانشائي وهو يمكن أن يعم الغائب والمعدوم.
وفيه ما ذكر في الكتاب من امور :
١ ـ امكان النزاع الثبوتي بتحديد المراد بالمخاطبة وقصد التفهيم ، فإنّ بعض معانيه معقول في حق المعدوم فضلاً عن الغائب كما في الدساتير والقوانين المشرعة حتى للأجيال القادمة.
٢ ـ انّ الخطاب الانشائي مبني على تصورات صاحب الكفاية في وجود المعنى باللفظ ، وقد أنكره وأنكرناه.
٣ ـ انّه لابد من تحديد معنى تصوري لأدوات الخطاب وضعاً ، لأنّ المعنى الموضوع له تصوري لا تصديقي.
٤ ـ مجرد امكان الوضع لمعنى انشائي أو تصوري يعم المعدوم والغائب لا يكفي إذا كان الظهور التصديقي كاشفاً عن قصد افهام الحاضرين فقط ولو لقرينة عقلية.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٥ : ٢٧٦.