وعلى كل حال فلا يلحق بأهل الذمة فساق المسلمين في الحكم المزبور لحرمة القياس عندنا ، لكن عن التذكرة « لو وجد مسلمان فاسقان فان كان فسقهما بغير الكذب والخيانة فالأولى أنهما أولى من أهل الذمة ، ولو كان فسقهما يتضمن اعتماد الكذب وعدم التحرز عنه فأهل الذمة أولى ».
وقال أيضا : « ولو وجد مسلمان مجهولا العدالة فهما أولى من شهود أهل الذمة » ومال إليه في المسالك.
ولا يخفى عليك ما فيه ، وإن وجه أول كلامه بأنهما شاركا الذميين في الفسق ، وفسق الكفر أعظم ، بل يمكن إرادة الصدق والامانة من العدل في الآية ، والأخير بأن الكفر معلوم الفسق فيقدم عليه المستور ، خصوصا إذا قلنا : إن الأصل في المسلم العدالة.
هذا مع أن الأخبار اشترطت عدم وجود المسلمين ، ضرورة كون ذلك كله لا يوافق أصول الإمامية ، والنصوص محمولة على إرادة عدم مقبولي الشهادة من المسلمين لا مطلقا كما هو واضح ، وقد تقدم تمام الكلام في المسألة في كتاب الوصايا (١).
( و ) كيف كان فـ ( ـيثبت الإيمان بمعرفة الحاكم أو قيام البينة أو الإقرار ) لكن في المسالك « ومرجع الثلاثة إلى الإقرار ، لأن الإيمان أمر قلبي لا يمكن معرفته من معتقده إلا بالإقرار ، ولكن المصنف اعتبر الوسائط بينه وبين المقر » وفيه أنه وإن كان أمرا قلبيا لكن له آثار ولوازم يمكن بها معرفته بدون الإقرار كما هو مشاهد في كثير من الناس ، بل السيرة القطعية عليه كغيره من الأمور الباطنة ، ولهذا قال المصنف ما سمعت لا لما ذكره ، والأمر سهل.
وكيف كان فقد ظهر لك مما ذكرنا أنه تقبل شهادة المؤمن الجامع
__________________
(١) راجع ج ٢٨ ص ٣٤٧ ـ ٣٥٢.