انظر إلى قول الإمام عليهالسلام « ليستأدوهم ميثاق فطرته » فالأنبياء لم يأتوا بشيءٍ جديدٍ عن الفطرة ، وكلما في الأمر أنهم أثاروا أشياء موجودةً فعلاً ، فهنا وظيفة الأنبياء عليهمالسلام الإثارة ، وهي الوظيفة الثانية لهم.
جاء في ( أُصول الكافي ) عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: سألته عن قول الله عزَّ وجلّ ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (١) ما تلك الفطرة ؟ قال : « هي الإسلام ، فطرهم الله حيث أخذ ميثاقهم على التوحيد. قال : ألستُ بربكم ؟ وفيه المؤمن والكافر » (٢).
وعن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عزَّ وجلَّ ( حُنَفَاءَ للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ) (٣) قال : « الحنيفية هي الفطرة التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله » قال : « فطرهم على المعرفة به ».
وفي حديث آخر له قال عليهالسلام : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل مولود يولد على الفطرة ، يعني المعرفة بأن الله عزَّ وجلَّ خالقه ، وكذلك قوله : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (٤).
وهكذا نرى أن الروايات طافحة في هذا المعنى ، ولولا مخافة الإطالة ، لكان لنا مع هذه الروايات وقفة ، نستوحي منها معاني عظيمة.
الثالث : « ويذكّروهم منسي نعمته » : وهذه هي الوظيفة الثالثة للأنبياء عليهمالسلام ، فإن هذا النصّ يؤكّد بأنّ الوظيفة النبوية هي التذكير بالنعمة
__________________
(١) سورة الروم : ٣٠ / ٣٠.
(٢) أُصول الكافي ٢ : / ٢ ، كتاب الإيمان والكفر ـ باب فطرة الخلق على التوحيد.
(٣) سورة الحج : ٢٢ / ٣١.
(٤) أُصول الكافي ٢ : / ٢ ، كتاب الإيمان والكفر ـ باب فطرة الخلق على التوحيد.