المهالك ، من خلال الإغواء والتزيين والتبديل ، كما يحكي القرآن تلك المحاورة بين الله تعالى وبين إبليس اللعين ، في قصة آدم عليهالسلام.
وكان من نتائج ذلك ، أنّ عباد الله اتخذوا من دون الله أصناماً آلهةً ، فضلّوا عليها عاكفين ، فعبدوها من دون الله ، وخرجوا بذلك عن سنّة الفطرة ، وغيّروا ذلك العهد الذي أُخِذَ منهم ، وقطعوا تلك الصلة التي ربطتهم به تعالى.
لذلك نراه سبحانه يحتجّ عليهم بأبلغ احتجاج ، من خلال قوله سبحانه : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (١).
من أجل ذلك كلّه أرسل الله تعالى الأنبياء والمرسلين ، رحمةً بالعباد ، ليخرجهم من هذه العبادة المنحرفة ، إلى عبادة الله العزيز الجبار ، تفضلاً منه ورحمة.
الثاني : « ليستأدوهم ميثاق فطرته » : تلك الفطرة التي فطر الناس عليها ، وهي فطرة عبادة الله الواحد الأحد ، التي ضيعها الناس ، لذلك يقول الله تعالى في ذيل الآية الكريمة : ( لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ) ، فهذا التوحيد والعبادة من الخلقة التي جُبلتْ عليها النفس ، ولا تبديل لهذه الخلقة ، وهي ( ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) دين الإسلام ، ولكنّ المصيبة ( أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) هذه الحقيقة ، وهذا هو الواقع ، لاَنّهم جاهلون وغافلون ، لأن الشياطين زينت لهم الباطل ، وصورته بصورة الحق ، فأضلتهم عن السبيل ، بعدما كانوا على الهدى والصلاح.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٨.