الالهية المنسية من قبل الإنسان الغافل الجاهل ، تلك النعمة التي لا تُعدُّ ولا تُحصى ، قال تعالى : ( وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) (١).
فهذا الإنسان يتمادى في الطغيان ، ويكفر بالله المنعم ، بدل أن يشكره ويخضع له بالعبودية ، ويكون ظالماً بأن يتخذ لربه شركاء وأنداداً ، قال سبحانه على لسان لقمان عليهالسلام : ( يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) (٢).
فالأنبياء يريدون أن ينقذوا هؤلاء الناس ، الذين لا يدرون بأن مآلهم ـ والحالة هذه ـ سيكون إلى النار ، كما أخبر عزَّوجلَّ عن ذلك . قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُوا للهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ) (٣).
الرابع : « ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول » : وهذا الهدف يدلّ على وجود الترابط المتين بين عملية التبليغ التي يقوم بها الأنبياء ، « صلوات الله عليهم » ، وبين إثارة الكنوز المدفونة في نفوس البشر ، فالتبليغ لا يكون إلاّ بعد أن يكون هناك وعي كامل لحقيقته ، وبذلك تقام الحجة ويقطع البرهان كلّ عذر ، ويقصد الإمام عليهالسلام بالكنوز هنا ، تلك المعارف والقدرات التي منحها الله عزَّ وجلَّ للإنسان ، ومن أسمى
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٤.
(٢) سورة لقمان : ٣١ / ١٣.
(٣) سورة إبراهيم : ١٤ / ٢٨ ـ ٣٠.