واضحٌ لمن تدبّر.
الوجه الثالث : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) (١) ، ولو كان المراد بأولي الأمر الإمام المعصوم لوجب ان يقول فان تنازعتم في شيء فردّوه إلىٰ الإمام.
وفيه : إنّ الردّ إلىٰ أولي الأمر أيضاً مأمورٌ به ، لكن اكتفىٰ عن ذكرهم في آخر الآية بما ذكره في أولها من مساواة طاعتهم بطاعة الله ورسوله ) (٢) ، بل نقول أكثر من ذلك من انّ المصدر الرئيس للتشريع هو الله سبحانه ، ولا يجب اطاعة أي مخلوق ، فهو الاساس في الاطاعة ، واطاعة المخلوقين تأتي وتترشح من الباري عزَّ وجل ، فذكر تفصيلاً من تجب طاعته ابتداءاً وفصَّل ، ثم أخيراً بين الطرفين الأساسيين في عملية الاطاعة وهي المرسِل والمرسَل ، لأنّ الأساس اطاعة الله ثم بواسطة المرسلين تترشح هذه الاطاعة كما انه بالمعاجز يثبتها.
وثبوت الإمامة وولاية الأمر متوقفة علىٰ الرسول لبيانها وتوضيحها ، فولاية الأمر مستفادة من الله ورسوله.
فولاية الأمر هي كذلك من الامور التي يمكن ان يقع التنازع فيها كما وقع ، وهذا الارجاع إرجاع كلي ، ولو أُرجع إليهم أيضاً للزم الدور كما هو واضح ، فلذا لم يذكر الرد إلاّ إلىٰ الله والرسول. وكما ذكرنا أولاً ولاية الأمر
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٥٩.
(٢) دلائل الصدق / الشيخ محمد حسن المظفر ٢ : ١٩.