ولذا قال تعالىٰ : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) (١) ، فحتىٰ الخشية ولعلّها من مراحل العصمة الأولىٰ أيضاً منشؤها العلم ، ولذا حصر الخشية لله من عباده بالعلماء كما هو ظاهر الآية ، وهذا تامٌّ لا غبار عليه.
إلاّ أنّ قوله بعد ذلك : ( ومن هنا يظهر ان لهذه القوّة المسماة بقوّة العصمة سببٌ شعوري علمي غير مغلوب ألبتّة ) يوجب إرباكاً ، فهو يجعل قوّة العصمة : قوةً وسبباً شعورياً علمياً غير مغلوب. ثم نراه يقول أخيراً : ( فقد بان من جميع ما قدّمناه ان لهذه الموهبة التي نسميها قوّة العصمة نوعٌ من العلم والشعور يغاير سائر أنواع العلوم في انّه غير مغلوب لشيء من القوىٰ الشعورية البتّة ).
فيُعرِّف العصمة بالعلم.
بل في استطراد كلام له في موضع آخر يقول بصريح العبارة : ( العصمة الالهية : التي هي صورة علمية نفسانية تحفظ الإنسان من باطل الاعتقاد ، وسيّء العمل ) (٢).
وللتحقيق في هذا مجالٌ آخر ، وإنّما كان قصدنا تذكير القارئ بذلك ليراجع مظانّه إن شاء.
ولنتبرّك بذكر بعض معاني العصمة من كلام الإمام الرضا عليهالسلام : « إنّ الإمامة خصَّ الله عزَّ وجلَّ بها إبراهيم الخليل عليهالسلام بعد النبوة
__________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ / ٢٨.
(٢) الميزان / السيد الطباطبائي ١٦ : ٣١٢.