عن الضلال.
كما ان سائر الأخلاق كالشجاعة والعفّة والسخاء كلٌّ منها صورة علمية راسخة ، موجبة لتحقق آثارها ، مانعة عن التلبس باضدادها من آثار الجبن والتهور والخمود والشره ، والبخل ، والتبذير.
ومن هنا يظهر ان هذه القوّة المسماة بقوّة العصمة سببٌ شعوري علمي غير مغلوب البتة ، ولو كانت من قبيل ما نتعارفه من أقسام الشعور والإدراك لتسرّب إليها التخلّف ، وخبطت في أثرها أحياناً.
فهذا العلم من غير سنخ سائر العلوم ، والإدراكات المتعارفة التي تقبل الاكتساب.
ثم يقول قدسسره ـ : فقد بان من جميع ما قدّمناه انّ هذه الموهبة الالهية التي نسميها قوّة العصمة نوع من العلم والشعور يغاير سائر أنواع العلوم في انه غير مغلوب لشيء من القوىٰ الشعورية البتة ، بل هي الغالبة القاهرة عليها المستخدمة إيّاها ولذلك كانت تصون صاحبها من الضلال والخطيئة مطلقاً ) (١).
فقوله : ( إنّ الأمر الذي تتحقق به العصمة نوعٌ من العلم يمنع صاحبه عن التلبس بالمعصية والخطأ ) قول دقيق وصحيح ، فالعلم أمرٌ تتحقق به العصمة ، أي ان العصمة شيء والعلم أمرٌ آخر.
ويمكن ان يقال حينئذٍ انّ العلم بلا ريب له تأثيره الأكبر في العصمة ،
__________________
(١) الميزان / السيد الطباطبائي : ٥ / ٧٨ ـ ٨٠.