المبحث الثالث : منازل الكُفر :
للكفر منازل ودرجات ، فمن الكفار من يسد
منافذ العقل والبصيرة التي منحها الله تعالىٰ له ، ويتمسك بقوة بمتبنياته العقيدية الباطلة كما هو حال الإنسان الجاهلي الذي تمسك بالاصنام التي صنعها بيده من الحجر أو التمر ! كما تمسك بظنونه بقوىٰ الجن والسحر ، وشبَّ علىٰ شهواته لاهياً
عما يصير إليه ، قال تعالىٰ : ( .. وَالَّذِينَ
كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ )
. ومن الكفار من يؤمن بالله تعالىٰ ولكن
يشترون بآيات الله ثمنا قليلاً ، ويلبسون الحق بالباطل ويبادرون الكفر بما جاء به خاتم الرسل صلىاللهعليهوآلهوسلم
كحال بني إسرائيل الذين بلغت قلوبهم درجة التحجر ، لذلك خاطبهم تعالىٰ مستنكرا : ( .. أَفَكُلَّمَا
جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ
وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ )
.
وهناك فريق من المسلمين قد يتسافل فيصل
إلىٰ أقرب المنازل من الكفر وإن لم يسمَّ كافراً ، وذلك في الحالات التالية :
أولاً : التعصب للبدع :
وذلك عندما يبتدع شيئاً مخالفاً لقواعد الشرع ومتبنياته ، فيتعصب لما إبتدعه ويعتبره من المسلمات التي لا تقبل نقاشاً ولا جدلاً ، ومن الشواهد الدالة علىٰ هذا النمط ، ما ورد عن الحلبي قال :
قلتُ لأبي عبدالله عليهالسلام
ما أدنىٰ ما يكون به العبد كافرا ؟ قال : « أن يبتدع به
______________