عن شخصياتهم ، توخياً
للثواب الجزيل علىٰ صدقة السر ، وبُعداً عن الرياء فكانوا في إعانة الملهوف كالبنفسج المختبىء بين لفائف الأدغال ينشق الناس طيبه ويحمدون عرفه وإن لم يعرفوا مكانه. وفي الخصال بسنده عن الباقر عليهالسلام : «
كان علي بن الحسين عليهماالسلام يخرج في الليلة
الظلماء فيحمل الجراب علىٰ ظهره وفيه الصرر من الدنانير والدراهم ، وربما حمل علىٰ ظهره الطعام أو الحطب حتىٰ يأتي باباً باباً فيقرعه ثم يناول من
يخرج إليه ، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيراً لئلا يعرفه فلما توفىٰ فقدوا ذلك فعلموا أنه كان علي بن الحسين ، ولقد خرج ذات يوم وعليه مطرف خز فتعرض له سائل فتعلق بالمطرف فمضىٰ وتركه »
.
من جانب آخر أنّ المؤمن ألف مألوف ، يتحبب
إلىٰ الناس ، ويسعىٰ لكسب رضاهم ، يقول أمير المؤمنين عليهالسلام
: «
المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف » . فالمؤمن لا يعيش منعزلاً خلف الأسوار العالية والابراج العاجية ، بل يتفاعل مع الناس ويحرص علىٰ مداراتهم والترَّفق بهم ، وقد اعتبر الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم
أنّ : «
مداراة الناس نصف الإيمان ، والرفق بهم نصف العيش » .
وهناك قرينة اجتماعية قوية تفرز لنا
الإيمان الحقيقي من المزيف وهي علاقة المؤمن بجيرانه ، فمن أحسن إليهم كشف لسان حاله عن عمق إيمانه. وقد صاغ الإمام الصادق عليهالسلام
قاعدة تلازمية لا تقبل الخطأ بين الإيمان والإحسان إلىٰ الجيران ، عن أبي حمزة قال : سمعتُ أبا
______________