ثلاثا ، ومسح رأسه وأذنيه ، وغسل رجليه والرشيد ينظر إليه ، فلمّا رآه وقد فعل ذلك لم يملك نفسه حتّى أشرف عليه بحيث يراه ، ثمّ ناداه : كذب يا عليّ بن يقطين ، من زعم أنّك من الرافضة ، وصلحت حاله عنده وورد عليه كتاب أبي الحسن عليهالسلام « ابتداء من الآن يا عليّ بن يقطين ، فتوضّأ كما أمر الله ، واغسل وجهك مرّة فريضة وأخرى إسباغا ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح مقدّم رأسك وظاهر قدميك بفضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كان يخاف عليك والسّلام » (١).
ومنها : ما روي عن عليّ بن يقطين قال : كنت واقفا عند هارون الرشيد إذ جاءته هدايا ملك الروم وكان فيها درّاعة (٢) ديباج سوداء منسوجة بالذهب لم أر أحسن منها ، فرآني أنظر إليها فوهبها لي وبعثتها إلى أبي إبراهيم عليهالسلام ، ومضت عليها برهة تسعة أشهر وانصرفت يوما من عند هارون بعد أن تغدّيت بين يديه ، فلمّا دخلت داري قام إليّ خادمي ـ الذي يأخذ ثيابي ـ بمنديل على يده وكتاب لطيف ختمه رطب ، فقال : أتاني بهذا رجل الساعة ، فقال : أوصله إلى مولاك ساعة يدخل ، ففضضت الكتاب وإذا به كتاب مولاي أبي إبراهيم عليهالسلام وفيه : « يا عليّ ، هذا وقت حاجتك إلى الدرّاعة وقد بعثت بها إليك » ، فكشفت طرف المنديل عنها ورأيتها وعرفتها.
ودخل عليّ خادم هارون بغير إذن فقال : أجب أمير المؤمنين ، قلت : أيّ شيء حدث؟ قال : لا أدري ، فركبت ودخلت عليه وعنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه فقال : ما فعلت الدرّاعة التي وهبتك؟
قلت : خلع أمير المؤمنين عليّ كثيرة من دراريع وغيرها فعن أيّها يسألني؟
قال : درّاعة الديباج السوداء الروميّة المذهّبة.
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٤٨ : ٣٨ ـ ٣٩ ، ح ١٤ ، نقلا عن « الإرشاد » للمفيد ٢ : ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ، و « مناقب آل أبي طالب » ٤ : ٣١٣ ، و « إعلام الورى » للطبرسي ٢ : ٢١ ـ ٢٢.
(٢) ثوب من صوف يتدرّع به. والدرّاعة واحدة الدراريع. « مجمع البحرين » ٤ : ٣٢٤ « درع ».