الرجلين في الوضوء ، هو من الأصابع إلى الكعبين ، أم هو من الكعبين إلى الأصابع؟ فكتب عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن موسى عليهالسلام : إنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين ، فإن رأيت أن تكتب إليّ بخطّك ما يكون عملي عليه فعلت إن شاء الله ، فكتب إليه أبو الحسن عليهالسلام : « فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثا ، وتستنشق ثلاثا ، وتغسل وجهك ، وتخلّل شعر لحيتك ، وتغسل يديك إلى المرفقين ثلاثا ، وتمسح رأسك كلّه ، وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثا ، ولا تخالف ذلك إلى غيره ».
فلمّا وصل الكتاب إلى عليّ بن يقطين تعجّب بما رسم فيه ممّا أجمع العصابة على خلافه ، ثمّ قال : مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره ، وكان يعمل في وضوئه على هذا الحدّ ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر أبي الحسن عليهالسلام.
وسعي بعليّ بن يقطين إلى الرشيد ، وقيل : إنّه رافضيّ مخالف لك ، فقال الرشيد لبعض خاصّته : قد كثر عندي القول في عليّ بن يقطين والقرف له بخلافنا وميله إلى الرفض ، ولست أرى في خدمته لي تقصيرا وقد امتحنته مرارا فما ظهر منه عليّ ما يقرف به ، وأحبّ أن استبرئ أمره من حيث لا يشعر بذلك فيتحرّز منّي.
فقيل له : إنّ الرافضة يا أمير المؤمنين ، تخالف الجماعة في الوضوء فتخفّفه ولا ترى غسل الرجلين ، فامتحنه يا أمير المؤمنين ، من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه.
فقال : أجل ، إنّ هذا الوجه يظهر به أمره ، ثمّ تركه مدّة وناطه بشيء من الشغل في الدار حتّى دخل وقت الصلاة ، وكان عليّ بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه وصلاته ، فلمّا دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى عليّ بن يقطين ولا يراه هو ، فدعا بالماء للوضوء فتمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ثلاثا ، وخلّل شعر لحيته ، وغسل يديه إلى المرفقين