يتفرّسهم ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : « إنّ هؤلاء براء وليس هم سرّاقه وسرّاقه عندي » ، ثمّ قال لرجل : ما ذهب لك؟ قال : عيبة فيها كذا وكذا فادّعى ما ليس له وما لم يذهب منه ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : « لم تكذب؟ » فقال : أنت أعلم بما ذهب منّي ، فهمّ الوالي أن يبطش به حتّى كفّه أبو جعفر عليهالسلام ، ثمّ قال للغلام : « ائتني بعيبة كذا وكذا » ، فأتى بها ، ثمّ قال للوالي : « إن ادّعى فوق هذا فهو كاذب مبطل في جميع ما ادّعى عندي ، وعندي عيبة أخرى لرجل آخر وهو يأتيك إلى أيّام وهو رجل من أهل بربر ، فإذا أتاك فارشده إليّ فإنّ عيبته عندي ، وأمّا هذان السارقان فلست ببارح من هاهنا حتّى تقطعهما » ، فأتي بالسارقين فكانا يريان أنّه لا يقطعهما بقول أبي جعفر عليهالسلام ، فقال أحدهما : لم تقطعنا ولم نقرّ على أنفسنا بشيء؟ قال : ويلكما شهد عليكما من لو شهد على أهل المدينة لأجزت شهادته.
فلمّا قطعهما قال أحدهما : والله يا أبا جعفر ، قطعتني بحقّ ، وما سرّني أنّ الله جلّ وعلا أجرى توبتي على يد غيرك وأنّ لي ما حازته المدينة ، وأنّي لأعلم أنّك لا تعلم الغيب ولكنّكم أهل بيت النبوّة وعليكم نزلت الملائكة وأنتم معدن الرحمة ، فرقّ له أبو جعفر عليهالسلام ، وقال له : « أنت على خير » ، ثمّ التفت إلى الوالي وجماعة الناس فقال : « والله ، لقد سبقته يده إلى الجنّة بعشرين سنة » ، فقال سليمان بن خالد لأبي حمزة : يا أبا حمزة ، رأيت دلالة أعجب من هذا؟ فقال أبو حمزة : العجيبة في العيبة الأخرى ، فو الله ما لبثنا إلاّ قليلا حتّى جاء البربريّ إلى الوالي وأخبره بقصّتها ، فأرشده الوالي إلى أبي جعفر عليهالسلام فأتاه ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : « ألا أخبرك بما في عيبتك قبل أن تخبرني؟ » فقال البربري : إن أنت أخبرتني بما فيها علمت أنّك إمام فرض الله طاعتك ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : « ألف دينار لك وألف دينار لغيرك ومن الثياب كذا وكذا » ، قال : فما اسم الرجل الذي له الألف دينار؟ قال : « محمّد بن عبد الرحمن وهو على الباب ينتظرك ، تراني أخبرك إلاّ بالحقّ » ، فقال البربري : آمنت بالله وحده لا شريك له وبمحمّد صلىاللهعليهوآله ، وأشهد أنّكم أهل بيت الرحمة