الذين أذهب الله عنكم الرجس وطهّركم تطهيرا (١).
ومنها : ما روي عن جابر ، قال : لمّا أفضت الخلافة إلى بني أميّة ، سفكوا في أيّامهم الدم الحرام ، ولعنوا أمير المؤمنين عليهالسلام على منابرهم ألف شهر ، واغتالوا شيعتهم في البلدان وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم ، ومالأتهم على ذلك علماء السوء رغبة في حطام الدنيا ، وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين عليهالسلام فمن لم يلعنه قتلوه ، فلمّا فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال اشتكت الشيعة إلى زين العابدين عليهالسلام وقالوا : يا ابن رسول الله ، أجلونا عن البلدان وأفنونا بالقتل الذريع ، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين عليهالسلام في البلدان وفي مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلى منبره ولا ينكر عليهم منكر ولا يغيّر عليهم مغيّر ، فإن أنكر واحد منّا على لعنه قالوا : هذا ترابيّ ، ورفع ذلك إلى سلطانهم وكتب إليه : أنّ هذا ذكر أبا تراب بخير حتّى ضرب وحبس ، ثمّ قتل.
فلمّا سمع ذلك عليهالسلام نظر إلى السماء وقال : « سبحانك ما أعظم شأنك إنّك أمهلت عبادك حتّى ظنّوا أنّك أهملتهم وهذا كلّه بعينك ؛ إذ لا يغلب قضاؤك ولا يردّ تدبير محتوم أمرك ، فهو كيف شئت وأنّى شئت لما أنت أعلم به منّا » ، ثمّ دعا بابنه محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام ، فقال : « يا محمّد ، » قال : « لبّيك » ، قال : « إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل عليهالسلام على رسول الله فحرّكه تحريكا ليّنا ولا تحرّكه تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا ».
قال جابر رضياللهعنه : فبقيت متعجّبا من قوله عليهالسلام ولا أدري ما أقول ، فلمّا كان من الغد جئته ، وكان قد طال عليّ ليلي حرصا لأنظر ما يكون من أمر الخيط ، فبينما أنا بالباب إذ خرج الباقر عليهالسلام فسلّمت عليه فردّ السّلام ، وقال : « ما غدا بك يا جابر ، ولم تكن تأتينا في هذا الوقت؟ » فقلت له : لقول الإمام عليهالسلام بالأمس : « خذ الخيط الذي أتى به جبرئيل عليهالسلام وصر إلى مسجد جدّك صلىاللهعليهوآله وحرّكه تحريكا ليّنا ولا تحرّكه
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٤٦ : ٢٧٢ ـ ٢٧٤ ، ح ٧٦ ، نقلا عن « رجال الكشّي » ٣٥٦ ـ ٣٦٠ ، ذيل الرقم ٦٦٤.