ومنها : ما روي عن أبي بصير للباقر عليهالسلام : ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج! فقال : « بل ما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج ، أتحبّ أن تعلم صدق ما أقوله وتراه عيانا » ، فمسح يده على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيرا ، فقال : « انظر يا أبا بصير ، إلى الحجيج » ، قال : فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير والمؤمن بينهم كالكوكب اللامع في الظلمات ، فقال أبو بصير : صدقت يا مولاي ، ما أقلّ الحجيج وأكثر الضجيج ، ثمّ دعا بدعوات فعاد ضريرا ، فقال أبو بصير في ذلك ، فقال عليهالسلام : « ما بخلنا عليك يا أبا بصير ، وإن كان الله تعالى ما ظلمك وإنّما خار لك ، وخشينا فتنة الناس بنا وأن يجهلوا فضل الله علينا ، ويجعلونا أربابا من دون الله ونحن له عبيد لا نستكبر عن عبادته ، ولا نسأم من طاعته ، ونحن له مسلمون » (١).
ومنها : ما روي عن جابر بن يزيد قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قوله تعالى : ( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (٢) ، فدفع أبو جعفر عليهالسلام بيده وقال : « ارفع رأسك » ، فرفعت فوجدت السقف متفرّقا ورمق ناظري في ثلمة حتّى رأيت نورا حار عنه بصري ، فقال : « هكذا رأى إبراهيم ملكوت السماوات ، وانظر إلى الأرض ثمّ ارفع رأسك » ، فلمّا رفعته رأيت السقف كما كان ، ثم أخذ بيدي وأخرجني من الدار وألبسني ثوبا ، وقال : « غمّض عينيك ساعة » ، ثمّ قال : أنت في الظلمات التي رآها ذو القرنين ، ففتحت عيني فلم أر شيئا ، ثمّ تخطّى خطا ، وقال : « أنت على رأس عين الحياة للخضر » ، ثمّ خرجنا من ذلك العالم حتّى تجاوزنا خمسة ، فقال : « هذه ملكوت الأرض » ، ثمّ قال : « غمّض عينيك » ، وأخذ بيدي فإذا نحن في الدار التي كنّا فيها وخلع عنّي ما كان ألبسنيه ، فقلت : جعلت فداك كم ذهب من اليوم؟ فقال : « ثلاث ساعات » (٣).
__________________
(١) المصدر السابق : ٢٦١ ، نقلا عن « مناقب آل أبي طالب » ٤ : ٢٠٠ ، ح ٦٢.
(٢) الأنعام (٦) : ٧٥.
(٣) « بحار الأنوار » ٤٦ : ٢٦٨ ، ح ٦٥ ، نقلا عن « مناقب آل أبي طالب » ٤ : ٢١٠.